أوكل
الأمّة لنفسها و خوّلها انتخاب الإمام، رغم وجود البعض من عبدة الأهواء و حبّ
الجاه و الرئاسة الذين لا يتورّعون عن اعتماد الحيلة و الخداع من أجل الحكم و
الأخذ بزمام الأمور؛ و هذا لن يؤدّي بالتالي إلّا إلى سيادة الظلمة و الطغاة الذين
يتّخذون عباد اللَّه خولًا و ماله دولًا. و عليه و بحكم العقل و المنطق فإنّ
اللَّه الذي أراد لدينه المُبين أن يكون الدين الخاتم و الخالد إلى يوم القيامة، و
الذي أسّس بُنيانه على أساس حكومة العدل و القِسط و بثّ العلم و إشاعة الحريات و
الحياة الخالدة و العيش الهنيء الذي تسوده المساواة و المواساة، قد فرغ من تحديد
تكليف المسلمين لمرحلة ما بعد رحيل النبي، حذراً من الهرج و المرج و الفوضى التي
تخلّفها حكومة الطُّغاة، و التي تقود في خاتمة المطاف إلى زوال الدين. و هذا ما
دفع بالطائفة الحقّة لأن تؤمن بأنّ الولاية و الإمامة منصب إلهي ربّاني كالنبوّة،
حيث أوجبها اللَّه و حصرها في صفوة من أجل خلود الدين و بقاء كلمة التوحيد و سيادة
حكومة العدل العالمي. هذه خلاصة مقتضبة من حكم العقل الذي يرى ضرورة وجود الإمام
بعد النبي من أجل زعامة الأمّة الإسلامية و إدارة شئونها، كما يدرك هذا العقل بأنّ
اللَّه سبحانه قد أودع هذا المنصب لمن لهم أهليّة القيام بمسئوليته.
القرآن
و الإمامة:
ما
يُفهم من القرآن الكريم أيضاً هو أنّ الإمامة منصب إلهي، و لا بدّ لنا من أجل
توضيح هذا الأمر أن نستعرض النصوص القرآنية. فالذي يفيده القرآن هو أنّ إمامة
الامّة و الولاية عليها إنّما تفوق النبوّة، أي أنّ صلاحية الإمامة متوفّرة في
النبي، حيث إنّ مجابهته للأحداث و الوقائع المريرة