إذن،
فحديثه عن الغيب و كشفه الحجب إنّما يستند فيها إلى الحقّ سبحانه نور السموات و
الأرض، و أمّا الآيات التي نفت علم الغيب عنه
وَ لَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَ ما
مَسَّنِيَ السُّوءُ[1]
إنّما تنفي الغيب الذاتي للنبي صلى الله عليه و آله، و كأنّه يريد أن يقول بأنّي
لا أعلم شيئاً إلّا ما أفاض عليّ الحكيم المطلق.
آيات
أُخرى:
نذكر
هنا طائفة من الآيات التي تؤيّد ما ذهبنا إليه سابقاً: 1-
قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَ لا رَشَداً[2]. 2- إِلَّا بَلاغاً مِنَ اللَّهِ وَ
رِسالاتِهِ وَ مَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ
خالِدِينَ فِيها أَبَداً[3]. 3- قُلْ إِنْ أَدْرِي أَ قَرِيبٌ ما
تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً[4]. 4- عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ
عَلى غَيْبِهِ أَحَداً * إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ
مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ رَصَداً[5]. فالآيات تكشف عن عدم قدرة النبيّ صلى الله عليه و آله على النهوض
بالإنسان و إيصاله إلى مراحل الكمال بالاستناد إلى نفسه دون الاستمداد من الغيب
الإلهي. إذن، لا شكّ في أنّه ليس له من وسيلة إلى تربية الأُمّة و إرشادها و
إبلاغها رسالات السماء و قيمها سوى الاستناد إلى الغيب، و كلّ ما يأتي به إنّما
هو الغيب،