الخارجيّة
و الأُمور العاديّة، فالسؤال عن سراية البول و عدمها لا يناسب شأن الراوي، خصوصاً
إذا كان من أمثال هؤلاء.
و
أمّا الثالث:- فمضافاً إلى كونه خلاف ظاهر السؤال، فإنّ ظاهره أنّ جريان البول هل
يؤثّر في نجاسة البئر؛ إمّا لكون مجرّد التقارب كذلك أو للسراية، لا أنّه أمارة
على نجاستها واقعاً أنّ مضمونها- بناءً على هذا الاحتمال ممّا لم يقل به أحد
حتّى القائلون بنجاسة البئر، فهل يرضى أحد- و لو منهم بالقول بأنّه إذا كانت
البئر في أعلى الوادي، و الوادي يجري فيه البول من تحتها، و كان بينهما أقلّ من
ثلاثة أذرع، يكون ذلك أمارة شرعيّة على نجاسة البئر، مضافاً إلى أنّ في ذيل
الرواية قرائن تدلّ على نفي هذا الاحتمال، فتأمّل جيّداً.
فظهر
من جميع ذلك: أنّ الاحتمالات الثلاثة كلّها بعيدة، و لا يمكن حمل الرواية على
شيء منها.
و
الذي يقوى في النظر في معنى الرواية أن يقال: إنّ غرض السائلين و منشأ سؤالهم،
إنّما هو احتمال أن يكون قرب مجرى البول إلى البئر موجباً لقذارة قليلة و كراهة
ضعيفة، فكما أنّ مقاربة شيء مطبوع مشتاق إليه للقذارات الصوريّة العرفيّة، يصير
موجباً للاستقذار و التنفّر منه؛ بحيث ربما يزول الاشتياق إليه بالكلّيّة، و كذلك
كان هذا المعنى موجباً لقياس الشرعيّات إلى العرفيّات، و باعثاً على سؤالهم عن
ذلك.
و
بالجملة: فالمراد بالنجاسة ليس ما يقابل الطهارة، بل المراد منها هو تحقّق القذارة
الضعيفة في موارد ثبوتها.
و
حينئذٍ فالرواية غير قابلة للاستناد إليها على النجاسة.
هذه
هي عمدة الروايات التي تمسّكوا بها للقول بالنجاسة.