كما
لا يخفى ما رواه الخاصّة و العامّة في محكيّ صحيح البخاري عن النبيّ (صلّى اللَّه
عليه و آله) من أنّه قال: في الركاز الخمس
[1]. و هل يحتمل أن يكون مراده (صلّى اللَّه عليه و آله) ثبوت الخمس في
الركاز كدلالة الآية على ثبوت الخمس في الغنيمة، أو أنّ مراده (صلّى اللَّه عليه و
آله) كون الركاز من مصاديق ما يتعلّق به الخمس ممّا اغتنم؟ لا شبهة في أنّ المراد
هو الوجه الثاني و أنّه لا يكون الركاز في مقابل الغنيمة متعلّقاً للخمس.
و
بالجملة: التأمّل في خصوصيّات الآية من التصدّر بقوله «وَ اعْلَمُوا» مخاطباً للجميع و التأكيد
بقوله «أَنَّما» و جعل البيان ل «ما»
الموصولة مطلق ما يغتنمه الرجل من الشيء، و التعبير بصيغة الماضي، و الرواية في
الركاز يعطي عدم الاختصاص بغنائم دار الحرب، كما لا يخفى.
مضافاً
إلى أنّ الظاهر مقابلة الغنم للغرم، و قد اشتهر أنّ من كان له الغنم كان عليه
الغرم.
و
الظاهر أنّ المراد بالغرم ما يتحمّله الإنسان من الضرر و الخسارة من دون أن يستفيد
شيئاً، و من هذا التعبير يظهر بوضوح أنّه لا اختصاص لكلمة الغنم أو الغنيمة أو
شبههما بالغنائم الحربيّة.
نعم،
ربّما يقال: بأنّ الغنم لا يصدق على كلّ ما يظفر به الإنسان و إن كان بتبديل ماله
به بلا حصول ربح و فائدة، فلا محالة يعتبر في صدقه خصوصيّة، و لعلّ الخصوصيّة التي
أشربت في معناه هو عدم الترقّب و التوقّع مستقيماً، فهو عبارة عمّا ظفر به الإنسان
بلا توقّع لحصوله و قصد مستقيم لتحصيله. و بعبارة اخرى النعمة
[1] معاني الأخبار: 303 ح 1، وسائل الشيعة 29:
272، كتاب الديات، أبواب موجبات الضمان ب 32 ح 5، صحيح البخاري 2: 166 ح 1499.