و
يرد عليه: أنّه لا مجال لأخذ الالتفات إلى الصوم في حقيقته و ماهيّته؛ سواء كان
بنحو الجزئيّة أو بنحو الشرطيّة و القيديّة؛ لأنّ الالتفات إلى الشيء من العناوين
المتأخّرة عن الشيء، فلا يعقل أن يكون دخيلا في الحقيقة بعد ما كان متأخّرا عنها،
فلا مجال لأن يكون الالتفات إلى الصوم ممّا له دخل في حقيقته.
و
من هنا يمكن تقرير الإشكال بوجه آخر؛ و هو أنّ الإمساك عن المفطرات المأخوذ تعريفا
للصوم و بيانا لحقيقته إن اخذ بنحو الإطلاق؛ أي سواء كان مقرونا مع الالتفات إلى
كونه صائما، أم لم يكن مقرونا به، يلزم الحكم بالبطلان فيما تطابق النصّ و الفتوى
على صحّته و ترتّب جميع أحكام الصوم عليه. و إن اخذ بنحو التقييد بخصوص صورة
الالتفات إلى كونه صائما، يلزم أخذ الالتفات و التوجّه إلى الشيء في حقيقته، مع
أنّه من العناوين المتأخّرة عن الشيء اللاحقة له أحيانا.
و
التحقيق في الجواب أن يقال كما عن بعض المحقّقين
[1]: إنّ الإمساك عن المفطرات المعهودة مأخوذ في ماهيّة الصوم لا بنحو
الإطلاق و لا بنحو التقييد، بل بنحو الإهمال الذي يجتمع مع كلا الأمرين، كنظائر
المقام التي لا بدّ فيها من الالتزام بالإهمال فيها، و إلّا يلزم بعض المحاذير حتى
في مثل القضايا الحملية الممكنة؛ فإنّ قولك: «زيد قائم» لا مجال للإشكال في كونه
قضيّة غير ضروريّة؛ لعدم ضرورة وصف القيام للإنسان.
و
حينئذ يمكن أن يقال: إنّ زيدا المفروض موضوعا، هل يكون المراد به المطلق و الأعمّ
من كونه قائما أو غير قائم، أو المراد به زيد المقيّد بوصف القيام؟ فعلى الأوّل
يلزم التناقض؛ لأنّ زيدا مع فرض عدم قيامه كيف يمكن أن يتّصف بالقيام؟ و على