أخبار
الطهارة أيضاً؛ لمخالفتها للعامّة [1]؛ لأنّ المذاهب الأربعة وغيرها مطبقة على انفعال ماء البئر بمجرّد
الملاقاة، فلابدّ من حمل أخبار النجاسة على التقيّة، مع أنّ فيها قرينة على عدم
كونها بصدد بيان الحكم الواقعي.
وبهذا
يشكل الإفتاء باستحباب النزح أيضاً؛ إذ بعد الحمل على التقيّة لم يبق هناك شيء
يدلّ على الاستحباب [2].
أقول:
ممّا لا ينبغي من الفقيه الالتزام به، طرح الأخبار الكثيرة الواردة في النزح، التي
بلغت من الكثرة إلى أن عقد لها صاحب الوسائل أبواباً متعدّدة متكثّرة، وكذا حملها
على التقيّة وعدم كونها بصدد بيان الحكم الواقعي؛ فإنّه كيف يمكن طرح هذه الأخبار
مع كثرتها المعجبة، أو حملها على التقيّة، أو لا يصير ذلك قرينة على عدم كون النزح
واجباً، خصوصاً بعد عدم تعيين المقدار في بعضها، والترديد بين الأقلّ والأكثر في
رواية واحدة، والمراد من النجاسة الضعيفة ليس هي النجاسة المقابلة للطهارة حتّى
يستحيل اجتماعها معها، بل القذارة التي ترتفع بالنزح وتجتمع مع الطهارة.
هذا
مع قطع النظر عن ملاحظة أخبار الطهارة. وأمّا مع ملاحظتها- خصوصاً مع صراحة بعضها
في الحكم بطهارة البئر، كصحيحة ابن بزيع المتقدّمة
[3]- فهل لا تكون تلك الأخبار قرينة على الحمل على الاستحباب، مع أنّ
الحمل عليه لا يحتاج إلى كثير مؤونة؟
[1] الأمّ 1: 4- 5، المبسوط للسرخسي 1: 90- 95،
المغني لابن قدامة 1: 37- 38، بدائع الصنائع 1: 223- 229، الفقه على المذاهب
الأربعة 1: 42- 43.
[2] التنقيح في شرح العروة الوثقى، موسوعة
الإمام الخوئي 2: 245- 246.