على أنّ نظرية «الحركة الجوهرية» قد حلّت العقدة وأثبتت الحدوث الزماني للمادة بأوضح الوجوه لا بنحو يستلزم التسلسل، لأنّه إذا كان الزمان منبعثاً من تجدّد المادة وتدرّجها، فكلّ قطعة من المادة السيّالة ترسم عدم القطعة اللاحقة، فتصير كلّ قطعة من المادة موصوفة بأنّها لم تكن مع القطعة السابقة، وبالنتيجة لم تكن القطعة اللاحقة في الزمان السابق عليها.
وبتعبير آخر: إذا كان كلّ قطعة من المادة السيّالة وكلّ درجة منها متعانقاً مع الزمان، ولم يكن من القطعة اللاحقة فيها عين ولا أثر، صحّ توصيف القطعة اللاحقة بالحدوث الزماني، وهو انّه لم تكن القطعة اللاحقة في ظرف القطعة السابقة، وهكذا الحال إذا وضعنا البنان على كلّ جزء جزء من تلك المادة السيّالة.
وبهذا يثبت الحدوث الزماني للطبيعة من دون أي إشكال.
وفي هذا الصدد يقول الحكيم صدرالدين الشيرازي:
«لقد تبيّـن انّ الأجسام كلّها متجدّدة الوجود في ذاتها، وانّ صورتها صورة التغيّر، وكلّ منها حادث الوجود مسبوق بالعدم الزماني كائن فاسد لا استمرار لهوياتها الوجودية، ولا لطبائعها المرسلة، والطبيعة المرسلة وجودها عين شخصياتها وهي متكثرة، وكلّ منها حادث ولا جمعية لها في الخارج حتّى يوصف بأنّها حادث أو قديم».[1]
وقال: «إنّ الطبائع المادية كلّها متحركة في ذاتها وجوهرها مسبوقة بالعدم الزماني، فلها بحسب كلّ وجود معيّن مسبوقية بعدم زماني غير منقطع في الأزل».[2]
[1]الأسفار:7/297 و 285 وأيضاً راجع المصدر نفسه، ص 292ـ 293. [2]الأسفار:7/297 و 285 وأيضاً راجع المصدر نفسه، ص 292ـ 293.