أقول: إنّ السبب لحمل الروايات على صورة وجود المطر، هو وجود الرأي المسبق في المسألة، وإلاّ فروايات الباب صريحة في أنّ هذا الجمع كان بلا عذر، ولو رجعت إلى الروايات الّتي نقلناها في الأصناف الثلاثة، لأذعنت أنّ الجمع لم يكن لعذر، بل كان لغاية رفع الحرج عن الأُمّة، والتوسعة عليها.
وقد جاء في روايات الصنّف الأوّل أنّ الجمع كان في غير خوف ولا مطر، وعُلِّل ذلك بأنّه كان لأجل رفع الحرج عن الأُمّة، [2] فكيف يمكن أن يؤوَّل في هاتين الروايتين بوجود المطر؟
ولذلك قال النووي في شرحه لصحيح مسلم: منهم من تأوله على أنّه جمع، بعذر المطر، وهذا مشهور عن جماعة من كبار المتقدّمين. ثم رد عليه بأنّه ضعيف بالرواية الأُخرى من غير خوف ولا مطر .[3]
أقول: جاء قوله: «ولا مطر» في موضعين [4] ومعه كيف يُحمل على الليلة المطيرة؟
وممّا يثير العجب، ويدعو إلى الاستهجان، أنّ ذيل الرواية الأُولى (رواية البخاري عن ابن عباس) قد حُرِّف في كتيّب الدكتور طه الدليمي إلى الشكل التالي: (فقيل: لعلّه في ليلة مطيرة؟ قال ابن عباس: عسى)[5]!!
وأنت ترى أنّ الوارد فيها (فقال أيوب: لعلّه في ليلة مطيرة؟ قال: عسى).
[1] موطأ مالك: 1 / 44، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر والسفر، الحديث 4 . [2] لاحظ ما ورد في الصنف الأوّل . [3] شرح صحيح مسلم للنووي: 5 / 225 . [4] لاحظ الصنف الأوّل: 343 برقم 4 و 5 . [5] نحو وحدة إسلامية حقيقية «مواقيت الصلاة» نموذجاً: 88 .