نام کتاب : إثارة التّرغيب والتّشويق إلى المساجد الثّلاثة والبيت العتيق نویسنده : الخوارزمي، محمد بن إسحاق جلد : 1 صفحه : 83
فيها نور يلتهب من نور الجنة ، ونزل معه الركن وهو يومئذ ياقوته بيضاء من
ربض الجنة ، وقيل : من رياض الجنة ، وكان كرسيا لآدم ـ عليهالسلام ـ.
فلما صار آدم
بمكة حرسها الله ـ تعالى ـ وحرس له تلك الخيمة بالملائكة ؛ كانوا يحرسونها ويزودون
عنها ساكن الأرض ـ وسكانها يومئذ الجن والشياطين ـ فلا ينبغى لهم أن ينظروا إلى
شىء من الجنة ؛ لأن من نظر إلى شىء من الجنة وجبت له ، والأرض يومئذ طاهرة نقية لم
تتنجس ، ولم تسفك فيها الدماء ، ولم تعمل فيها الخطايا ؛ فلذلك جعلها الله تعالى
مسكنا للملائكة ، وجعلهم فيها كما كانوا فى السماء يسبحون الليل والنهار لا يفترون
، وكان وقوفهم على أعلام الحرم صفا واحدا مستدبرين بالحرم ، كل الحلّ من خلفهم
والحرم كله من أمامهم ، فلا يجوزهم جنّىّ ولا شيطان ، ومن أجل مقام الملائكة حرم
الحرم حتى اليوم ، ووضعت أعلامه حيث كان مقام الملائكة.
وحرّم الله ـ تعالى
ـ على حواء دخول الحرم والنظر إلى خيمة آدم ، من أجل خطيئتها التى أخطأتها فى
الجنة ؛ فلم تنظر إلى شىء من ذلك حتى قبضت ، وأن آدم ـ عليهالسلام كان إذا أراد لقاءها ليلمّ بها للولد خرج من الحرم كله حتى يلقاها ، فلم
تزل خيمة آدم ـ عليهالسلام ـ مكانها حتى قبض الله ـ تعالى ـ آدم ـ عليهالسلام ـ ورفعها الله ـ تعالى ـ إلى السماء.
ثم بنى بنو آدم
بها من بعدها مكانها بيتا بالطين والحجارة ، فلم يزل معمورا يعمرونه ومن بعدهم حتى
كان زمن نوح ـ عليهالسلام ـ فنسفه الغرق وخفى مكانه ؛ فلما بعث الله ـ عز وجل ـ إبراهيم
خليله ـ عليهالسلام ـ طلب الأساس ، فلما وصل إليه ظلل الله له مكان البيت
بغمامة ، فكانت حفاف البيت الأول ، ثم لم تزل راكدة على حفافه تظلل إبراهيم وتهديه
مكان القواعد ، حتى رفع إبراهيم القواعد قدر قامته ، ثم انكشفت الغمامة ؛ فذلك قول
الله تعالى : (وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ
الْبَيْتِ). أى : الغمامة التى ركدت على الحفاف لتهديه مكان
القواعد ، فلم يزل بحمد الله منذ رفعه الله ـ تعالى ـ معمورا [١].
[١]أخرجه : الأزرقى
فى أخبار مكة ١ / ٥١ ـ ٥٢ ، سبل الهدى والرشاد ١ / ١٧١ ، ١٧٢.
نام کتاب : إثارة التّرغيب والتّشويق إلى المساجد الثّلاثة والبيت العتيق نویسنده : الخوارزمي، محمد بن إسحاق جلد : 1 صفحه : 83