نام کتاب : إثارة التّرغيب والتّشويق إلى المساجد الثّلاثة والبيت العتيق نویسنده : الخوارزمي، محمد بن إسحاق جلد : 1 صفحه : 78
كما قال : (وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ
وَما بَيْنَهُما باطِلاً)[١] بل كل ما فعل فهو إنما فعله بالحق كما قال : (ما
خَلَقْناهُما إِلَّا بِالْحَقِ)[٢]. وله الملك ، والملك بالحق كما قال : (ثُمَّ
رُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِ)[٣] ومتى علمنا أن الأمر كذلك علمنا أن له فى تخليق البشر
حكمة بالغة وأسرارا شريفة ولكنه تعالى ما كشف تفاصيلها للبشر ، كما قال : (ما
أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ)[٤] فوجب الإيمان بتلك الحكم على الإجمال ، وترك الخوض فى
تفاصيلها.
الطريق الثانى
: بيان حكمة خلق الإنسان على التفصيل ، وفيه وجوه ، ونحن نذكر منها وجها واحدا
اختصارا ، وهو أن المخلوقات على أربعة أقسام :
أحدها : الذى
له عقل ولا شهوة له ؛ وهم الملائكة.
والثانى : الذى
له شهوة ولا عقل ؛ وهو كالحيوانات سوى الإنسان.
والثالث : الذى
له شهوة وعقل وهو الإنسان ؛ فإن رجّح شهوته على عقله التحق بالبهائم بل كان أضل
كما قال تعالى : (أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ
أَضَلُ)[٥].
وإن رجّح عقله
على شهوته التحق بالملائكة كما قال تعالى : (وَفَضَّلْناهُمْ عَلى
كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً)[٦].
الرابع : الذى
لا عقل له ولا شهوة وهو الجمادات.
ثم إنه تعالى
كان فى العهد القديم والزمان الأسبق خلق الأقسام الثلاثة وبقى القسم الرابع ، وهو
الذى يحصل فيه العقل والشهوة معا فاقتضت قدرته التامة ومشيئته الكاملة خلق هذا
القسم الرابع كيلا يبقى شىء من الأقسام الممكنة محروما عن جود وجوده ونعمة إبداعه
؛ عند هذا قال للملائكة : (إِنِّي جاعِلٌ فِي
الْأَرْضِ خَلِيفَةً) فقالت الملائكة : إنك إذا جمعت بين الشهوة والغضب وبين
العقل جاءت المنازعة فيتولد الفساد من الشهوة ، ويتولد سفك الدماء من الغضب ، فقال
لهم