نام کتاب : إثارة التّرغيب والتّشويق إلى المساجد الثّلاثة والبيت العتيق نویسنده : الخوارزمي، محمد بن إسحاق جلد : 1 صفحه : 77
ربهم ، وأنه قد غضب من قولهم ، فلاذوا بالعرش ورفعوا رؤوسهم وأشاروا
بالأصابع يتضرعون ويبكون إشفاقا لغضبه عليهم ، فطافوا بالعرش ثلاث ساعات ، فنظر
الله إليهم فنزلت الرحمة عليهم ، فوضع الله تعالى تحت العرش بيتا على أربعة أساطين
من زبرجد ، وغشّاهن بياقوته حمراء وسمى هذا البيت الضراح ، ثم قال الله تعالى
للملائكة : طوفوا بهذا البيت ودعوا العرش ، قال : فطافت الملائكة وتركوا العرش
وصار أهون عليهم ، وهو البيت المعمور الذى ذكره الله تعالى فى القرآن المجيد ،
يدخله كل يوم وليلة سبعون ألف ملك لا يعودون إليه أبدا ، ثم إن الله سبحانه وتعالى
بعث ملائكة وقال لهم : ابنوا لى بيتا فى الأرض بمثاله وبقدره ، فأمر الله تعالى من
فى الأرض من خلقه أن يطوفوا بهذا البيت كما يطوف أهل السماء بالبيت المعمور ، فقال
الرجل : صدقت يا ابن بنت رسول الله صلىاللهعليهوسلم هكذا كان وجدته فى التوراة والإنجيل [١].
واعلم أن الله
تعالى لم يذكر وجه الحكمة فى هذه الآية على التفصيل فى تخليق الإنسان ولم يزد على
قوله : (إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ)[٢] وللعلماء فى هذا المقام طريقان :
الأول :
الطريقة الإجمالية التى ذكرها الله فى هذه الآية وتقريرها : أنه تعالى قادر على
جميع المقدورات منزّه عن جميع الحاجات عالم بكل المعلومات. وإذا كان الأمر كذلك
كان لا محالة عالما بأنه ما الذى ينبغى فعله ، وما الذى ينبغى تركه ، وكان عالما
لا محالة بكونه غنيا عن كل ما لا ينبغى ، ومن كان غنيا عما لا ينبغى كان عالما
بكونه غنيا عما لا ينبغى امتنع إقدامه على فعل ما لا ينبغى ، وإذا كان الأمر كذلك
ثبت أن كل ما يفعله الله تعالى حكمة وصواب ، وأنه منزه عن فعل العبث كما قال تعالى
: (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ
عَبَثاً)[٣] ومنزّه عن فعل اللعب ، كما قال : (وَما
خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ)[٤] ومنزّه عن الباطل