نام کتاب : إثارة التّرغيب والتّشويق إلى المساجد الثّلاثة والبيت العتيق نویسنده : الخوارزمي، محمد بن إسحاق جلد : 1 صفحه : 36
كفا شرفا
أنّى مضاف إليكم
وأنّى بكم
أدعى وأرعى وأعرف
وقال كعب
الأحبار : اختاره الله تعالى من أحب البلاد ، وأحب البلاد إلى الله البلد الحرام.
وعن عثمان بن
ساج قال : بلغنا أن إبراهيم عليهالسلام عرج به إلى السماء ، فنظر إلى الأرض مشارقها ومغاربها
فاختار موضع الكعبة ، فقالت الملائكة : يا خليل الرحمن اخترت حرم الله فى الأرض [١].
ويحكى عن وهب
بن منبّه ـ رضى الله عنه ـ أنه قال : وجد فى أساس الكعبة لوح مكتوب فيه : لكل ملك
حيازة مما حواليه ، وبطن مكة حوزتى التى اخترتها لنفسى دون خلقى ، أنا الله ذو بكة
، وأهلها جيرتى وجيران بيتى ، وعمارها وزوارها وفدى وأضيافى وفى كنفى وأمانى
ضامنون علىّ وفى ذمتى وجوارى ، من أمّنهم فقد استوجب بذلك أمانى ، ومن أخافهم فقد
أخفرنى فى ذمتى.
تأمل يا ولى
الله سر هذه النسبة الإلهية وحاصل هذا التفضيل ، ولا حظ بعين التفكر وأذن التدبر
هذه الإشارة ولطيفة هذا التمثيل : لما كان لكل ملك محل يقصد فيه لأداء خدمته ،
ولكل سلطان باب تعفر الجباه على عتبته ، ولكل باب حيازه يلجأ إليها من لاذ بجنابه
، ولكل سخى ساحة يفد إليه من رغب فى ثوابه ، اختص الله تعالى هذا البيت المشرف
بهذه المعانى ، واطلع فى أفق قصده شموس الظفر وبدور الأمانى ، وصير ما حواليه حرما
له تحقيقا لعظمته ، وجعل عرفة كالميزان على فناء حرمه ، ووضعه على مثال حضرة
الملوك يقصدها الوفاد من كل جهة ، ويفد إليها القصاد من كل مكان وبقعة ، شعثا غبرا
، متواضعين مستكينين ، خاضعين إذعانا لجلال ملكوته ، وانقيادا لعزته وجبروته ، مع
تنزيهه سبحانه وتعالى أن يحويه بيتا ويكنفه بلدا. أو يشبهه فى حقيقة ما ضرب له من
المثال أحد.
والحكمة فى ذلك
: بيان أسرار العظمة الإلهية ، وإيضاح آثار سطوتها ، وإظهار انقياد ملوك الأرض
والجبابرة إلى إجابة دعوتها ؛ فيذل هنالك منهم العزيز ، وتخضع العبيد ، وينطفئ نور
من سواها ؛ لاستيلاء أنوارها ، وتصير بحار ذوى