نام کتاب : إثارة التّرغيب والتّشويق إلى المساجد الثّلاثة والبيت العتيق نویسنده : الخوارزمي، محمد بن إسحاق جلد : 1 صفحه : 35
الفصل الأول
فى فضائل مكة شرفها الله تعالى
والآيات التى نزلت فى فضلها وشرفها
اعلم أن البيت
الحرام بل الحرم كله محل عظيم القدر ومكان جليل الخطر والفخر ؛ بل هو أفضل بقاع
الأرض وما عداه المفضول ، ويدل على ذلك المعقول والمنقول.
أما
المعقول : فمن وجهين :
أحدهما : أنه مبتدأ الأرض وأصلها الذى تفرعت هى عن بقعته على ما روى أنها دحيت من
تحته وهو أحد التأويلين لما ورد به الكتاب العزيز من تسمية مكة بأم القرى [١].
والتأويل الآخر
: كونها قبله تؤمها الوجوه ، وفيها بيت الله الحرام ، كما جرت العادة أن يكون بلد
الملك وبيته هو المقدم على الأماكن كلها ، وسميت أمّا ؛ لأن الأم مقدمة.
والثانى :
لطيفة الله تعالى بالمذنبين من عباده ، وعطفه على طلب رضاه بدلالته عليها وإرشاده
إليها.
وأما
المنقول : فقد ثبت بنص
القرآن أن الله تعالى جعل البيت مثابة للعالمين وأمنا للخائفين ، وأمر خليله
بتطهيره للطائفين والعاكفين ، وأودع فيه من السر الربانى ما شهدت به ألسنة الوجود
، وشاهدته أسرار العارفين ، وعرّفه بإضافته إلى جلاله فقال : (أَنْ
طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ)[٢] فهل وراء هذا الإطناب فى الفخار مضرب لإطناب خيمة
الأفكار ، أو مطلب لاستقصاء الواصفين :
[١] وذلك فى قوله
تعالى : (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا
إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى) [سورة الشورى : آية ٧] وقوله تعالى : (مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ
وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها)
[الأنعام : ٩٢].