نام کتاب : مفتاح العلوم نویسنده : السّكّاكي جلد : 1 صفحه : 405
منفيا قبلها بغيرها من كلمات النفي ، نحو : جاءني زيد لا عمرو ، ونحو : زيد
قائم لا قاعد ، أو متحرك لا ساكن ، أو موجود لا معدوم ، ويمتنع تحقق شرطها هذا في
منفيها ، إذا قلت : ما يقوم إلا زيد لا عمرو ، وما زيد إلا قائم لا قاعد.
والذي سبق في
تحقيق وجه القصر في النفي والاستثناء يكشف لك الغطاء ، ويجامع الطريقين الأخيرين ،
فيقال : إنما أنا تميمي لا قيسي ، وتميمي أنا لا قيسي وإنما يأتيني زيد لا عمرو ،
وهو يأتيني لا عمرو ، وجه صحة مجامعة (لا) العاطفة ، إنما مع امتناع مجامعتها ما
وإلا عين وجه صحة أن يقال : امتنع عن المجيء زيد لا عمرو ، مع امتناع أن يقال : ما
جاء زيد لا عمرو ، وهو كون معنى النفي في : إنما ، وفي قولك : امتنع عن المجيء ،
ضمنا لا صريحا ، لكن إذا جامعت لا العاطفة ، إنما جامعتها بشرط ، وهو : أن لا يكون
الوصف بعد إنما مما له في نفسه اختصاص بالموصوف المذكور ، كقوله عز اسمه : (إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ
يَسْمَعُونَ)[١] فإن كل عاقل ، يعلم أنه لا يكون استجابة ، إلا ممن يسمع
ويعقل ، وقوله : (إِنَّما أَنْتَ
مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها)[٢] فلا يخفى على أحد ممن به مسكة ، أن الإنذار إنما يكون
إنذارا ، ويكون له تأثير ، إذا كان مع من يؤمن بالله وبالبعث ، والقيامة وأهوالها
، ويخشى عقابها ، وقولهم : إنما يعجل من يخشى الفوت ، فمركوز في العقول ، أن من لم
يخش الفوت لم يعجل ، وإذا كان له اختصاص ، لم يصح فيه استعمال (لا) العاطفة ، فلا
تقل : إنما يعجل من يخشى الفوت لا من يأمنه.
وطريق النفي
والاستثناء يسلك مع مخاطب تعتقد فيه أنه مخطىء ، وتراه يصر ، كما إذا رفع لكما شبح
من بعيد ، لم تقل : ما ذاك إلا زيد ، لصاحبك ، إلا وهو يتوهمه غير زيد ، ويصر على
إنكار أن يكون إياه ، وما قال الكفار للرسل : (إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا
بَشَرٌ مِثْلُنا)[٣] إلا والرسل عندهم في معرض المنتفى عن البشرية ،
والمنسلخ عنه حكمها ،