نام کتاب : أساليب بلاغية نویسنده : أحمد مطلوب جلد : 1 صفحه : 59
وللبلاغة طرفان : أعلى وأسفل متباينان تباينا لا يتراءى لأحد ناراهما
وبينهما مراتب متفاوتة تكاد تفوت الحصر ، فمن الأسفل تبتدئ البلاغة ، وهو القدر
الذى إذا نقص منه شىء التحق ذلك الكلام بأصوات الحيوانات ثم تأخذ فى التزايد
متصاعدة إلى أن تبلغ حد الإعجاز ، وهو الطرف الأعلى وما يقرب منه.
ولم يعرّف
الفصاحة واكتفى بتقسيمها إلى قسمين : قسم راجع إلى المعنى ، وقسم راجع إلى اللفظ ،
ولم يجعلها لازمة للبلاغة التى حصر مرجعيها فى المعانى والبيان. وقد أشار القزوينى
إلى ذلك بقوله : «وجعل الفصاحة غير لازمة للبلاغة ، وحصر مرجع البلاغة فى الفنين ،
ولم يجعل الفصاحة مرجعا لشىء منهما» [١]. وقال التفتازانى : «لم يجعل البلاغة مستلزمة للفصاحة ،
وحصر مرجعها فى المعانى والبيان دون اللغة والصرف والنحو» [٢] ، ورأى أنّ مرجعها إلى هذه العلوم جميعا لا إلى مجرد
المعانى والبيان.
ولكن السكاكى ـ
مع ذلك كله ـ رأى أنّ البلاغة بمرجعيها والفصاحة بنوعيها «مما يكسو الكلام حلة
التزيين ويرقيه أعلى درجات التحسين» [٣] ولذلك نراه حينما حلل بعض الآيات القرآنية اتخذ من
مرجعى البلاغة ومن الفصاحة مقياسا لإظهار ما فيها من صور بيانية ومن روعة وتأثير
فى النفوس.
القزوينى :
وكان الخطيب
القزوينى (ـ ه) آخر من وقف عند البلاغة من المتأخرين وميز بين بلاغة الكلام وبلاغة
المتكلم فقال عن الأولى : «وأما بلاغة الكلام فهى مطابقته لمقتضى الحال مع فصاحته»
ومقتضى الحال مختلف ومقامات الكلام متفاوتة ، فمقام التنكير يباين مقام التعريف ،
ومقام الإطلاق يباين مقام التقييد ، ومقام التقديم يباين مقام التأخير ، ومقام
الذكر