responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 596

ومعلوم أنّ كلّ واحد من هذين المذهبين يتحدّث مضافاً إلى مبناه الأصليّ، عن مبانٍ أخرى من قبيل معطيات العقل والتجربة البشرية وإرادة الشعوب وما إلى ذلك وهو ما سنتحدّث عنه في هذا الفصل:

1. مذهب الحقوق الفطرية

إنّ المبنى الأصليّ للحقوق في هذا المذهب هو العدل، فطبقاً لهذه الرؤية فإنّ المقنّن من جهة يجب عليه اتّباع أصل العدالة في عملية التقنين، والأتباع يجب عليهم التحرّك في خطّ الطاعة للقانون فيما إذا كانت المقرّرات الصادرة، من الحكومة العادلة، وبالتالي يجب عليهم تطبيقها وامتثالها. على هذا الأساس فإنّ القانون الذي لا يقوم على أساس العدل فإنّه يتّخذ صورة القانون في الظاهر لا الواقع، وعندما يتحرّك أفراد المجتمع من موقع الالتزام بإطاعة هذا القانون فإنّ ذلك لا يعني وجود تكليف وجداني في واقعهم النفسي‌ [1].

وإلى جانب أصل العدالة في هذا المذهب الذي يعتبر أساساً للحقوق، هناك مبانٍ أخرى أيضاً في هذا المذهب، من قبيل لزوم حفظ النظام العامّ وتوفير الرفاهية لأفراد المجتمع والتي تأتي في مرتبة متأخّرة عن أصل العدالة.

تحوّل الحقوق الفطرية:

والنقطة المهمّة هنا أنّ الملاحظة في هذا المذهب هي تحوّل هذا المفهوم على طول المسار التاريخي، بحيث أنّه إلى ما قبل القرن السابع عشر الميلادي فإنّ الحقوق الفطرية في نظر الكثير من العلماء كانت تتمثّل بمجموعة قواعد عالية وسامية لا يمكن للعقل البشري فهمها وإدراكها. والملاحظ أنّ الدين المسيحي كان له دور مؤثّر في صياغة هذه الرؤية للحقوق في الغرب، كما نرى أنّ سن توماس داكن الفيلسوف الديني في القرن الثالث عشر للميلاد يقسّم القوانين إلى ثلاثة أقسام: «إلهيّة» و «فطرية أو طبيعية» و «بشرية».

والقوانين الإلهيّة تنشأ في نظره من الإرادة الإلهيّة وبالتالي فهي حاكمة على عالم الوجود. والعقل البشري الناقص قاصر عن الإحاطة بها ومعرفتها، ومن هنا فإنّ اللَّه تعالى وكذلك الأنبياء الإلهيين وبواسطة الوحي الإلهيّ يحيطون بها علماً.

أمّا القوانين الطبيعية أو الفطرية فهي في نظر سن توماس داكن مستقاة بواسطة العقل البشريّ على ضوء المشيئة الإلهيّة، وأمّا القوانين البشرية فهي وليدة فكر الإنسان ويجب تحقيق عملية إجراء القوانين الفطرية في دائرة مصاديقها [2].

كما يلاحظ وفقاً لهذه الرؤية أنّ المنبع الأصليّ للحقوق الفطرية يتمثّل بالإرادة الإلهيّة، وبديهيّ أنّ هذه الإرادة تتعلّق بإقامة العدل في فضاء الفرد والمجتمع.

وفي ذات الوقت فإنّ اللَّه تعالى قد خلق الإنسان بحيث يدرك بعقله فقط وبدون أيّة واسطة، تلك القواعد للحقوق الفطرية، وهذه القواعد الحقوقية مطابقة لفطرة الإنسان ومطابقة لطبيعة العدالة، بحيث أنّه لا يتمكّن أيّ شخص وفي أيّ مقام من التحرّك على مستوى إنكارها ونفيها.

والنتيجة، أنّه طبقاً لهذه الرؤية فإنّ الحقوق الفطرية ثابتة وعامة ولا تتعرّض للخلل بعامل تغيّر الزمان‌


[1]. مقدّمة علم الحقوق، ص 5 (بالفارسيّة) الطبعة التاسعة، 1367 ه. ش.

[2]. انظر: تاريخ الفلسفة السياسية، ج 1، ص 309 (بالفارسيّة).

نام کتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 596
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست