responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 559

بالنسبة لقوانين الكتاب المقدّس فإنّ موسى يعتبر واسطة لا أنّه هو المقنّن، وإنّما مصدر قوانين التوراة هو اللَّه تعالى وقد قام موسى بنقل هذه القوانين إلى الناس، ومن هذه الجهة فإنّ قوانين التوراة لها بعد ديني، وعليه فإنّ الضمانات الإجرائية في هذه القوانين لا تنحصر بالجانب الدنيوي فقط.

ومن هنا يتبيّن الفارق الكبير بين هاتين الطائفتين من القوانين. ففي قوانين التوراة هناك عقوبة الإعدام على الكثير من الأعمال التي تتّصل بنقض حكم ديني معيّن، أي الأحكام الناظرة إلى علاقة الإنسان باللَّه تعالى، في حين أنّ القوانين الأخرى تتضمّن ضمانات إجرائية خاصّة بنقض القوانين التي تتّصل بعلاقة أفراد المجتمع فيما بينهم.

وأحد تجلّيات هذا الفارق المهمّ هو ما يتّصل بالجرائم الجنسية في هاتين الطائفتين من القوانين، ففي قانون حمورابي وحتّى قانون حيتي نرى أنّ جريمة الزنا بالمحصنة قابلة للعفو والإغماض:

«إذا أمسك الرجل امرأة في بيته (وواقعها) فالمرأة مجرمة ويجب أن تقتل ... فإذا أعلن زوجها أنّه لا يرضى بقتلها، فإنّه بهذه الطريقة قد أنقذ زوجته». (حمورابي، ش.

129).

«إذا القي القبض على زوجة رجل مضطجعة مع رجل آخر، فيجب تقييدهما معاً وإلقائهما في الماء، فإذا أراد الزوج العفو عنها، فيجب على الملك العفو عن رعيته ...».

(حيتى، ش. 197 و 198) [1].

والسبب في كون هذا الجرم قابل للعفو في هذه المنظومة هو أنّ هذا الجرم يمثّل عدوان على حقوق الزوج فقط، ومن هنا فإنّ هذا الجرم مع عفو الزوج لا يستحقّ العقوبة. ولكن في دائرة الحقوق اليهودية فإنّ هذا الجرم بحدّ ذاته يُعدّ ذنباً كبيراً ويستوجب الموت، وعفو الزوج لا يلغي هذه العقوبة لأنّ «هذا العمل معصيةً للَّه» (سفر التكوين، 39: 9).

الخصوصية الثانية: ما يتّصل بقيمة الإنسان والنفس وحياته، فهناك تفاوت أساسيّ بين هاتين الطائفتين من القوانين في دائرة اعتبار حياة الإنسان، ففي قوانين التوراة تنحصر عقوبة الإعدام فيما لو تعرّضت حياة الإنسان وكرامته وعفّته للخطر «من قبيل القتل، الإختطاف، بعض الجرائم الجنسية» ولكن لم تلحظ هذه العقوبة الثقيلة على أيّ من الجرائم التي تتّصل بالأموال، بل وضعت عقوبة ما دون ذلك، على سبيل المثال: دفع تعويضات بعدّة أضعاف المال المسروق، أمّا في قانون حمورابي، فنرى أنّ عقوبة الإعدام قرّرت للجرائم المالية عدّة مرات، مثل المادة 6 «السرقة من المعبد» و 7 «الخيانة في الأمانة في حكم السرقة» وكذلك 9، 10، 21، 22 وغير ذلك، بل حتّى في موارد تكون هناك عقوبة مالية على بعض أشكال السرقات فإنّ هذه العقوبة ثقيلة جدّاً وبالتالي فإنّ الشخص سيواجه الموت عند عدم تمكنّه من دفع الغرامة الثقيلة.

المادّة 8. إذا سرق شخص بقرة أو خروفاً أو حماراً فإن كان ذلك من متعلّقات المعبد ... أو ... يتعلّق بدائرة حكومية فيجب عليه أن يدفع ثلاثين ضعفاً لثمنه كغرامة وإن كان يتعلّق بشخص من عامّة الناس، فيجب عليه دفع‌

عشرة أضعاف قيمته وإن لم يتمكّن السارق دفع الغرامةيجب قتله.


[1]. انظر: قوانين هيتى‌ها لهري هافنر، ترجمة (فرناز اكبري الرومني)، ص 79 (بالفارسيّة).

نام کتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 559
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست