أ) التوراة

يعتبر الكتاب المقدّس العبراني لليهود مصدر حجّية واعتبار النظام الشرعيّ والحقوقيّ لليهود بأجمعه، وأيضاً يعتبر أوّل وأهمّ مصدر مدوّن لهذه الشريعة، وهذا الكتاب الذي يطلق عليه اليهود «العهد» أو «تنخ» يسمّيه المسيحيون ب «العهد القديم» يتشكّل من ثلاثة أقسام: «التوراة»، كتب الأنبياء (نِويئيم)، ومدوّنات (كِتوويم). وأمّا ما يتّسم بأهميّة أكثر في هذا البحث فهو كتاب التوراة، لأنّ قوانين وأحكام الشريعة اليهودية مقتبسة من التوراة غالباً، وتعتبر سائر الكتب المقدّسة العبرانية الأخرى ذات طابع تاريخيّ أو وعظيّ.

الأوّل: أسفار التوراة

إنّ مفردة التوراة (بالعبرية: تورا [1]) تأتي بمعنى «التعاليم» وقد كان يطلق على ذلك في قديم الأيّام «قانون» أو «شريعة» والتي هي ترجمة غير صحيحة لهذه المفردة، وهذا الخطأ في الترجمة نشأ من الترجمة اليونانية للكتاب المقدّس، وفي القرن الثالث قبل الميلاد طلب سبعون شخصاً من المترجمين من ملك مصر أن تترجم التوراة من العبرية إلى اليونانية، وقد عرفت هذه الترجمة ب «السبعينية» نسبة لعدد المترجمين، وفي هذه الترجمة تمّت ترجمة كلمة «تورا» ب «somon» بمعنى (القانون/ الشريعة) وتبعاً لذلك فقد ترجمت هذه الكلمة في اللاتينية ب «xeL» وأصبحت هي السائدة [2].

وعلى الرغم من ذلك فإنّ معنى التوراة بقي على هذا المعنى بعد ذلك ويقصد به «الشريعة».

وتأتي كلمة توراة بعدّة معانٍ:

1. المعنى العام لهذه الكلمة ويشمل جميع التعاليم والأعراف والسنن اليهودية.

2. وأحياناً يراد منها مجموعة الشريعة المدوّنة والشريعة الشفهية للتوراة.

3. وأحياناً يراد منها ما يشمل جميع الكتاب المقدّس العبراني (تَنَخ).

4. وتستعمل التوراة بالمعنى الخاصّ لهذه الكلمة وهو عبارة عن الكتب الخمسة لموسى والتي تسمّى بالأسفار الخمسة (وباليونانية:hcutatneP ) وفي بحثنا الحاضر نقصد بالتوراة هذا المعنى الخاصّ، وهذه الكتب الخمسة للتوراة عبارة عن: سفر التكوين، سفر الخروج، سفر لاويان، سفر الأعداد وسفر التثنية.

1/ 1) سفر التكوين: وهذ السفر الذي يسمّى بالعبرية «بِرِشيت» [3] بمعنى «في البداية» [4] حيث يبدأ بحكاية كيفية خلق العالم والإنسان، وكيف أنّ اللَّه تعالى خلق آدم على صورته ثمّ أسكنه وزوجته حوّاء جنّة عدن، ولكنّه عصى وطرد من الجنّة.

ويتضمّن هذا السفر قصّة حياة آدم وأولاده، قصة نوح، إبراهيم، إسحاق، يعقوب وأولاده وهم آباء الأسباط الإثني عشر لبني‌اسرائيل، و يشمل هذا السفر خمسين باباً وينتهي الباب الخمسون بقصّة موت يوسف‌في مصر، في عام 1600 ق م.

وبما أنّ مواضيع هذا السفر تاريخية وتتحدّث عن عصر ما قبل شريعة موسى، ولذلك فقلّما يرجع إليها في باب الأحكام والشريعة، ومع ذلك يستقي علماء اليهود

[1].1 .torah

[2].2 .J .U .,"Torah ",Harper's Bible Dictionary ,p .3801 .

[3].3 .Bereshit

[4]. هذه الكلمة مقتبسة من أول هذا السفر: في بداية خلق اللَّه السماوات والأرض».