أمّا الأوّل فلأصالة الاشتغال، و القدر المتيقّن من براءة الذمّة هو التصدّق
به، اللهمّ إلّا أن يقال: إذا دار الأمر بينه و بين أدائه إلى بيت المال و الإمام
عليه السّلام فليس معلوما كون التصدّق هو المتيقّن، فتأمّل.
أو يقال: إنّ الأصل إيصاله إلى يد مالكه، فإذا لم يمكن ذلك فإيصال ثوابه هو
المقدار الممكن منه، و هذا التوجيه حسن، إلّا أنّه لا يتجاوز عن أن يكون استحسانا
و مؤيّدا.
أو يقال: يعلم عادة برضا مالكه بهذه الصدقة مع الضمان كما هو المفروض.
و إن شئت قلت: بعد دوران الأمر بين الامور السابقة، فالصدقة إن لم تكن مقطوعة،
فلا أقل أنّها راجحة على غيرها فيتعيّن عند الدوران.
و أمّا الثاني، فلأخبار كثيرة وردت في خصوص المسألة أو ما يقاربها، و إليك شطر
منها:
1- مرسلة السرائر، قال في السرائر: و قد روى أصحابنا أنّه يتصدّق به عنه و
يكون ضامنا إذا لم يرض به صاحبه [1].
مع ما هو المعروف منه من عدم الاعتماد على أخبار الآحاد.
هذا و لكن الإنصاف أنّه يمكن أن يكون إشارة إلى أخبار اللقطة، و هي كثيرة
معتبرة مع الغاء الخصوصية منها، و معه لا يمكن الاعتماد على كونه دليلا مستقلا و
رواية خاصّة.
2- رواية حفص بن غياث (في وديعة اللصّ) التي مرّت عليك قريبا [2] مع الغاء
الخصوصية عن موردها، أعني ما أودعه اللصوص، نعم سند الحديث ضعيف، و لكنّه غير قادح
بعد ضمّ أخبار المسألة بعضها إلى بعض.
3- ما رواه يونس بن عبد الرحمن قال: سئل أبو الحسن الرضا عليه السّلام و أنا
حاضر .. إلى أن قال فقال: رفيق كان لنا بمكّة فرحل منها إلى منزله، و رحلنا إلى
منازلنا، فلمّا أن صرنا في الطريق أصبنا بعض متاعه معنا، فأي شيء نصنع به؟ قال:
«تحملونه حتّى تحملوه إلى الكوفة» قال لسنا نعرفه، و لا نعرف بلده، و لا نعرف كيف
نصنع؟ قال: «إذا كان كذا فبعه
[1]. السرائر، كتاب اللقطة نقلا عن ج
السادس عشر من سلسلة الينابيع الفقهية ص 209.
[2]. وسائل الشيعة، ج 17، ص 368،
الباب 18، من أبواب اللقطة، ح 1.