تعالى على بناء مسجد في المدينة، وكما أشرنا آنفاً أنّ المسجد لم يكن مركزاً للعبادة فقط، بل مركزاً لجميع النشاطات والفعاليات الفكرية والثقافية والاجتماعية للمسلمين، وكان المركز الأساس للحكومة، والملفت أنّ مركز الحكومة هذا يختلف عن جميع مراكز الحكومة والسلطة في البلدان الأخرى التي يحكمها السلاطين والملوك ويسكنون في القصور والقلاع المحصنة، فكان هذا المركز الجديد للحكومة بسيطاً في هيئته بحيث لم يكن سوى أربعة جدران وارتفاع الجدار منها بطول قامة الإنسان، وهذا المركز مفروش بالرمال الناعمة وبدون سقف، وبعد ذلك عندما عملوا على إيجاد سقف ورواق للمسجد جاءوا بأعمدة من جذوع النخل، وكان السقف من سعف النخيل، واستمر هذا الحال بالمسجد إلى نهاية عمر النبي الأكرم صلى الله عليه و آله.

كان هذا أحد المشاريع المهمّة في إدارة النبي الأكرم صلى الله عليه و آله والذي تمّ انجازه بأمر إلهي، ولفت إليه أنظار جميع العرب في الجزيرة العربية وجعل قلوبهم تهفو إليه.

4- معاهدة عدم العدوان‌

وتحرك النبي الأكرم صلى الله عليه و آله على مستوى تحكيم دعائم المجتمع الإسلامي الجديد في المدينة بأن عقد معاهدات بين المسلمين والقبائل الأخرى الموجودة داخل المدينة من أجل ضمان عدم العدوان، ومادامت تلك القبائل وفية لهذه المعاهدة والميثاق فإنّ النبي الأكرم صلى الله عليه و آله بقي وفياً وملتزماً ببنود المعاهدة، وبهذا الطريق فتح المجال لتقدم ونمو المجتمع الإسلامي على جميع المستويات الفكرية والثقافية والاقتصادية، وكان لهذه المعاهدات دور مهم ومؤثر في تركيز حركة الدعوة الإسلامية في واقع الحياة والمجتمع.

5- اجتناب الحرب في عدّة جبهات‌

لقد سعى النبي الأكرم صلى الله عليه و آله إلى اجتناب التورط في حربين وعلى جبهتين في آن واحد، لأنّ الأعداء إذا اتحدوا فيما بينهم لم يكن من السهل التغلب عليهم رغم أنّ اللَّه تعالى ضمن‌