ثانيها :أنّه معاملة غررية ، وقد نهي عنها ، فتقع فاسدة كما قرّر في محلّه من أنّ النهي الوارد في المعاملات يرشد إلى الفساد . وفيه :
أوّلاً : أنّ النهي المشار إليه هو ما رواه الجمهور عن النبيّ (صلى الله عليه و آله و سلم) من أنّه نهى عن بيع الغرر (4).
وثانياً : على فرض انجباره بعمل الأصحاب وتأييده بما ورد في أخبارنا من عدم جواز الشراء بدينار غير درهم ، المعلّل في بعضها بعدم الدراية أي الجهالة ـ مثل ما عن عمّار عن أبي عبداللّه (عليه السلام) « قال : يكره أن يشتري الثوب بدينار غير درهم ؛ لأنّه لا يدري كم الدينار من الدرهم » (5)، ورواية السكوني عن جعفر عن أبيه عن عليّ (عليهم السلام) في رجل يشتري السلعة بدينار غير درهم إلى أجل « قال : فاسد ، فلعلّالدينار يصير بدرهم » (6)، ورواية ميسر عن جعفر عن أبيه (عليه السلام) : « انّه كره أن يشتري الثوب بدينار غير درهم ؛ لأنّه لا يدري كم الدينار من الدرهم » (7)ـ نقول : إنّ المتيقّن من مورد قادحية الغرر في صحّة المعاملة هو البيع والشراء فقط .
لا يقال :إنّ الظاهر عند العرف أنّ المعلول يتبع العلّة في العموم والخصوص ، فالعلّة تارة تخصّص المعلول العام ، كما في قول القائل : « لا تأكل الرمّان فإنّه حامض » ، فالتعليل بالحموضة يخصص المنهي عنه العام أعني الرمّان المشترك بين الحلو والحامض ، بالحامض من أفراده . وتارة اُخرى تعمّمه وإن كان خاصّاً ، كما في قول القائل : « لا تعتمد على مداواة العجوز فإنّك لا تأمن الضرر » ، فإنّ التعليل بعدم الأمان من الضرر يعمّم المنهي عنه الخاص إلى كلّ مداواة غير مأمونة الضرر . وما نحن فيه من هذا القبيل ؛ حيث إنّ الأخبار وإن كانت واردة في الشراء إلاّ أنّ تعليلهم (عليهم السلام) بلفظة « لا يدري » تعميم المورد الخاص ، بحيث لا يتأمّل العرف في أنّ الجهالة قادحة في المعاملة مطلقاً على حذو ما بيّناه في المثال .
فإنّه يقال :حديث تعميمالعلّة وتخصيصها لمورد المعلولممّا لا مساغ لإنكاره
(4)وسائل الشيعة 12 : 330، الباب 40من أبواب آداب التجارة ، ح3 . (5)المصدر السابق : 398، الباب 23من أبواب أحكام العقود ، ح1 . (6)المصدر السابق : 399، ح2 . (7)المصدر السابق : 399، ح4 .