إلاّ أنّ توجيهه بما ذكر غير وجيه ، فإنّ قول القائل « لا تأكل الرمّان فإنّه حامض » وإن كان بلحاظ التعليل يخصِّص المنهي عنه العام بالأفراد الحامضة ، وكذا قوله في المثال الثاني « فإنّك لا تأمن الضرر » يعمِّم المنهي عنه الخاص إلى كلّ مداواة غير مأمونة الضرر ، إلاّ أنّ التخصيص في الأوّل يدور مدار الأكل والتعميم في الثاني يدور مدار المداواة ، ولا يختلج ببال أحد شمول النهي للبيع مثلاً في الأوّل والنصيحة أو المجالسة في الثاني . فكذا ما نحن فيه ، فإنّ قدح الجهالة بلحاظ التعليل وإن كان عامّاً يشمل شراء الثوب وغيره من الأمتعة والأعيان والأثمان غير النقدين ، ولكن لا يخرج عن نطاق البيع والشراء ، كما يظهر لمن ألقى السمع وهو شهيد ، وما ذكر من الإشكال نشأ من بدو الرأي ، وقلّة التأمّل ، أعاذنا اللّه تعالى منهما .
ثالثها :أنّه من سنخ ضمان ما لم يجب ، المدّعى بطلانه بالإجماع .
وفيه : أنّ الضمان يتصوّر على وجوه :
منها : ضمان الديون الثابتة على الذمّة من جهة القرض أو الإتلاف والغصب ونحوها ، وهذا من أوضح مصاديق الضمان الذي ينصرف إليه عند الإطلاق ، واختلف بين الفريقين في حقيقته من أنّه نقل ذمّة إلى ذمّة أو ضمّ ذمّة إلى ذمّة ، فذهب الأصحاب إلى الأوّل ، وفقهاء الجمهور إلى الثاني .
ومنها :ضمان الأعيان المضمونة شرعاً كالأموال المغصوبة الموجودة في يد الغاصب ، والظاهر صحّة هذا النحو من الضمان من ثالث لمالكها ؛ لأنّ أدلّة الضمان عامّة شاملة له .
ومنها :ضمان الأعيان غير المضمونة في أصل الشرع كالعين المستأجرة الواقعة في يد المستأجر لاستيفاء منافعها ، فإنّ يده عليها أمينة لا ضمان عليها ، ولكن في صحّة جعل الضمان في هذا الفرض مجال واسع ليس هنا موضع بيانه .
ومنها :ضمان الأعيان والأموال الكائنة في يد مالكها المتصرّف ، كما فيما نحن