صقع من أرجاء المجتمع الإنساني ، وإنكاره ربّما يُعدّ من السفاهة عندهم ، والراغب فيه معدود من الأكياس وآخذ بالحائطة للنفس والمال .
وكيف كان ، فلا إشكال في كونه من العهود المتعارفة ، وأنّ العقلاء لا يفرّقون بينه وبين سائر العقود في ترتيب الآثار المترقّبة . وعليه ، فتشمله عمومات الوفاء بالعقود والشروط ، مثل قوله تعالى : {أَوْفُواْ بِالعُقُودِ} (1)وقوله (عليه السلام) : « المؤمنون عند شروطهم » (2)وغيرهما من العمومات المربوطة بالتعهّدات والضمانات ، فيكونممضى عند الشارع تعالى بلحاظ هذه العمومات .
وما يمكن أن يُستشكل به على صحّته شرعاً اُمور :
أحدها :أنّ العمومات المذكورة إنّما تتناول العقود والشروط المعهودة المتعارفة بين الناس في زمن صدورها ، ومن المتسالم عليه أنّ مثل هذا العهد لم يكن متعارفاً بينهم حتى يدخل في نطاقها ، وليس لنا غير العمومات دليل آخر نركن إليه في تصحيحه ، فيكون مثل هذا العهد داخلاً في الباطل المنهي عنه في قوله تعالى : {وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالبَاطِلِ} (3).
وفيه ما لا يخفى من التعسّف ، فإنّ دعوى قصر العمومات على العهود المتداولة في زمن الوحي والتشريع خلاف المفهوم منها وتضييق لدائرتها ، حيث إنّ تلك القضايا العامّة تأبى عن مثل هذا الجمود والتحجّر المخالف للشريعة السمحة السهلة ، ولا أظنّ أنّه يختلج ببال أحد من العرف ـ العارف باللسان العاري الذهن عن الوساوس ـ أنّ قوله تعالى : {أَوْفُواْ بِالعُقُودِ} الوارد في مقام التقنين المستمرّ إلى يوم القيامة منحصر في العهود المعمول بها في ذلك الزمان ، فإنّ مثل هذا الجمود مستلزم للخروج عن دائرة الفقه ، بل عن ربقة الدين نعوذ باللّه من ذلك . لعمرك إنّ هذا الجمود ليس بأقلّ من جمود بعض المذاهب الإسلامية على كثير من الظواهر ، الذي هو أبرد من الزمهرير .
(1)المائدة : 1. (2)وسائل الشيعة 15 : 30، الباب 20من أبواب المهور ، ح4 . ( المكتبة الإسلامية ) . (3)النساء : 29.