نقله عن بعض المتأخّرين ، ولعلّ المراد به صاحب الحدائق الّذي سمعت كلامه ،
المتضمّن لترجيح عدم الكراهة.
وربّما يستظهر
ذلك أيضا من المفيد من قدماء أصحابنا لقوله في المقنعة : « ولا بأس بالوضوء من
فضلة الخيل ، والبغال ، والحمير ، والإبل ، والبقر ، والغنم ، وما شرب منه سائر
الطير إلّا ما أكل الجيف ، فإنّه يكره الوضوء بفضلة ما [قد] شرب منه » انتهى [١].
فإنّ استثناءه
يقضي بأن يكون مراده بالبأس المنفيّ ما يعمّ الكراهة ، لكون الحكم الثابت في
المستثنى هو الكراهة ، كما صرّح به في العبارة أيضا.
ولك أن تمنع
مخالفة المفيد تعويلا على هذه العبارة ، لما يقال : من أنّ الكراهة في أخبار
الأئمّة المعصومين وكلام علمائنا المتقدّمين كان كثير الاستعمال في الحرمة ، بل
ربّما يدّعي ظهورها فيها ، وكونها بما يقابل الحرمة اصطلاح محدث من الفقهاء ، فلا
ينزّل عليه إطلاقات الأخبار والعلماء الأخيار ، فهذه هو الحكم الثابت في المستثنى
، لجواز أن يكون المفيد ممّن يمنع عن سؤر أكل الجيف أو ينجّسه كما تقدّم القول به
فيما بين الأصحاب ، فيكون الحكم المأخوذ في المستثنى المفاد بكلمة « لا بأس » نفي
الحرمة ، فلا ينافي الكراهة ولو في بعض ما ذكر من الامور المفصّلة.
المسألة
الثامنة : المعروف من
المذهب ـ كما حكي ـ كراهة سؤر الفأرة ، وهو مقتضى ما تقدّم من عموم الكراهة فيما
لا يؤكل لحمه ، فهي تتضمّن أمرين.
الأوّل : عدم
المنع عن هذا السؤر.
والثاني : كون
الإذن فيه على جهة الكراهة دون الندب والإباحة.
ودليل الأوّل ـ
مضافا إلى ما تقدّم ذكرها في المسائل السابقة من الروايات العامّة أو المطلقة
الشاملة لمثل المقام جزما ، بل الشهرة المحكيّة ـ : الأخبار المستفيضة النافية
للبأس عنه والآمرة باستعماله ، كالصحيح عن عليّ بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليهالسلام في حديث قال : وسألته عن الفأرة وقعت في جبّ دهن ،
واخرجت قبل أن تموت ، أيبيعه من مسلم؟ قال : « نعم ، ويدهّن منه » [٢].