ولعلّه لأجل
هذه الأخبار صار بعض المتأخّرين ـ كما حكي ـ إلى عدم الكراهة ، بل هو صريح الحدائق
حيث أنّه بعد ما ذكر هذه الأخبار عقيب ما ذكره من مستند القول بالكراهة قال : «
والحقّ تقديم العمل بهذه الأخبار ، لاستفاضتها وصراحتها ، وصحّة أكثرها ، وضعف ما
عارضتها سندا ودلالة » [٣].
هذا مع ملاحظة
ما قيل : من ظهور كلمة « لا بأس » في نفي جميع أفراد البأس منها الكراهة ، لمكان
كونها نكرة في سياق النفي ، لا أنّها تفيد نفي العذاب خاصّة ، ولعلّه إلى ذلك ينظر
ما ادّعاه الحدائق من قوّة هذه الأخبار دلالة.
لكنّ الإنصاف
عدم صلاحية ذلك لمعارضة ما تقدّم بعد مراعاة قاعدة المسامحة ثمّة ، ودعوى ظهور نفي
البأس فيما ذكر غير مسموعة ، بل الإنصاف بملاحظة الانسباق العرفي أنّها في نظائر
المقام ظاهرة في رفع توهّم النجاسة أو الحرمة ، فلا يراد منها ما ينافي الكراهة ،
ولذا يقال : بظهورها في إرادة الإذن الغير المنافية لها ، والأمر بالتوضّؤ والشرب
في الخبر الأخير لا يراد منه في نظائر المقام إلّا الإرشاد إلى انتفاء النجاسة أو
غيرها من جهات المنع ، مع ظهور قوله : « ما يؤكل لحمه » فيه وفي سابقه فيما يكون
أكل لحمه بعد الجواز الشرعي الغير المنافي للكراهة معتادا ومتعارفا بين الناس.
مع أنّه قد
يقال : إنّ البقر بمفهومه يشمل الجاموس أيضا الّذي يكون لحمه مكروها ، فينبغي أن
يراد بنفي البأس عن سؤره الوارد في الصحيحة ما لا ينافي الكراهة ، فتأمّل ، فإنّ
ذلك لعلّه مبنيّ على الملازمة المدّعاة بين كراهة لحم الحيوان وكراهة سؤره ، وقد
سمعت المناقشة فيه.
ومع الغضّ عن
جميع ذلك فلعلّ الشهرة الموجودة في المقام بكلا قسميها كافية في إثبات هذا الحكم
لقاعدة التسامح ، على أنّه لا مخالف في المسألة ظاهرا عدا ما عرفت