ومن الموضوعات
المخصوصة بالعنوان في كتب الأصحاب البئر ، لاختصاصها بمزيد الأبحاث ، وامتيازها
بأحكام مختلفة ناشئة عن اختلاف مواردها والأسباب المقتضية لها ، وينبغي قبل الخوض
في البحث عن تلك الأحكام صرف النظر في معرفة البئر موضوعا ، وهي كما ترى من
المفاهيم العرفيّة الّتي لا يكاد يخفى أمرها على المتأمّل ، ويقطع بعدم تغيّر
العرف فيها ، واتّحاده فيها مع اللغة أو العرف القديم المتناول لعرف نفس الشارع ،
ولذلك أنّ القاموس [١] والمجمع [٢] جعلاها معروفة ، فكلّ ما يسمّى في العرف بئرا ـ تسمية
حقيقيّة ـ فقد لحقه أحكام البئر ، وإن شكّ في التسمية لشبهة في المصداق أو الصدق
فإن دخل في مسمّى الجاري لحقه حكمه ، وإلّا فيعتبر في انفعاله وعدم انفعاله ما هو
معتبر في الواقف من الكرّيّة وعدمها.
وربّما يعرّف
البئر كما عن الشهيد في شرح الإرشاد : « بأنّها مجمع ماء نابع من الأرض لا
يتعدّاها غالبا ، ولا يخرج عن مسمّاها عرفا ، » [٣] وعن الأردبيلي
: « أنّه مجمع ماء تحت الأرض ، ذي نبع بحيث يصعب الوصول إليه غالبا عرفا ، وعلى
حسب العادة » [٤]
وعن المحقّق
الشيخ علي الاعتراض عليه : « بأنّ القيد الأخير موجب لإجمال التعريف ، لأنّ العرف
الواقع لا يظهر أيّ عرف هو؟ أعرف زمانه صلىاللهعليهوآله أم عرف غيره؟ وعلى الثاني ، فيراد العرف العامّ ، أو
الأعمّ منه ومن الخاصّ؟
مع أنّه يشكل
إرادة عرف غيره صلىاللهعليهوآله وإلّا لزم تغيّر الحكم بتغيير التسمية فيثبت في العين
حكم البئر لو سمّيت باسمه ، وبطلانه ظاهر.