والثوب وطهارتهما إنّما يظهر في الصلاة وغيرها ممّا هو مشروط بالطهارة ،
فأجود الأجوبة ما نقلناه عن منتهى العلّامة رحمهالله[١] بناء على التوجيه الّذي قرّرناه.
ثمّ لو أغمضنا
وقلنا بظهور الجريان مطلقا فيما فهمه الشيخ ، يتوهّن هذا الظهور بملاحظة مخالفته
للشهرة القريبة من الإجماع ، فإنّ الشهرة بمجرّدها وإن لم تصلح قرينة على صرف
الظاهر عن الظهور ، غير أنّها ربّما تكون موهنة له ، فيشكل معه الأخذ به ، فيبقى
الروايات الاخر في المقام بالقياس إلى قضائها بعدم اشتراط الجريان سليمة عمّا يصلح
لمعارضتها ، ويؤيّدها أصالة عدم الاشتراط ، فظهر بجميع ما تقرّر أنّ الأقوى هو
القول المشهور.
وربّما يستدل
عليه ـ مضافا إلى ما مرّ ـ بالأصل ، والقاعدة ، وعموم ما دلّ على طهارة الماء ما
لم يتغيّر ، وضعفه بعد ملاحظة عموم قاعدة الانفعال ظاهر ، وربّما يستدلّ أيضا كما
في المنتهى [٢] بأنّه يشقّ الاحتراز عن ماء الغيث ، فلو لا التخفيف
بعدم انفعاله مطلقا لزم العسر والحرج ، وصغرى ذلك الدليل وإن كانت مسلّمة في
الجملة ولكن كبراه لا يخلو عن مناقشة تظهر بأدنى تأمّل ، ولنختم
المقام بذكر امور مهمّة.
أوّلها
: معنى اعتصام ماء المطر عن الانفعال حال
التقاطر عدم قبول ما حصل في الأرض منه للانفعال بتقاطر ما بقي منه عليه ، وإلّا فالمتقاطر حال تقاطره ممّا لا يعقل فيه ملاقاة
النجاسة عادة حتّى يلحقه حكم الاعتصام وعدمه ، وملخّص المعنى المذكور : أنّ ماء
المطر المنقضي عنه مبدأ التقاطر لا ينفعل بورود ما تلبّس بذلك المبدأ عليه.
وهل يلحق به
غيره من المياه القليلة المتوقّف عدم قبولها الانفعال على وجود عاصم ، من مياه
الحياض والغدران والقلّتان والأواني ونحوها ، على معنى اعتصامها بالمتقاطر من ماء
المطر أوّلا؟ والمسألة موضع توقّف لخلوّ نصوص الباب عن التعرّض لهذا المطلب ،
فانحصر طريقه في الإجماع فإن أمكن تحصيله فهو ، وإلّا فلا مجال إلى رفع اليد عن
قاعدة الانفعال ، خلافا للخوانساري في شرح الدروس ، قائلا : « بأنّ الظاهر التقوّي
، لعدم عموم انفعال القليل ، مع أنّ الظاهر أنّه المشهور بين الأصحاب ، ولو كان
جاريا إليه من ميزاب ونحوه. فالتقوّي ظاهر » [٣] انتهى.
لكن في الحدائق
: « لا ريب في ذلك على المشهور من جعل ماء المطر كالجاري