إذ جهة إلقائه عليهالسلام الفرو عند حضور الصلاة ملتبسة ، حيث لم يظهر كونه لأجل
النجاسة الّتي لا يستند ثبوتها هنا إلّا إلى الغلبة ، لجواز كونه احتياطا منه
فإنّه حسن خصوصا في حقّهم عليهمالسلام ، بل هذا هو المتعيّن بملاحظة أنّه لو كان عنده عليهالسلام ممّا ثبت فيه النجاسة والميتة لم يكن يباشره أصلا ولا
يلبسه رأسا ، إمّا لأنّ الميتة ممّا لا ينتفع بها أصلا ، أو أنّ شأنه عليهالسلام يأبى عن مباشرة النجاسات عن علم وعمد على فرض إباحة
الانتفاع بالميتة.
وكذا عن الخبر
الثالث : لقوّة احتمال كون المراد بالكراهة معناها المصطلح عليها لا الحرمة ، وإن
قيل بشيوع استعمال الكراهة في الروايات في الحرمة وكراهة الصلاة فيما ظنّ بنجاسته
واستحباب التجنّب عنه ممّا لا إشكال فيه ، كما يومئ إليه أيضا استثناء ما صنع في
أرض الحجاز ، فإنّه ما لا يظنّ معه بالنجاسة والميتة ، وحاصله يرجع إلى أنّ اعتبار
الظنّ الحاصل بالغلبة أو غيرها لإحراز موضوع الكراهة لا الحرمة.
وعلى هذا
القياس يجاب عن البواقي. فالنهي والأمر الواردين فيها يحملان على الكراهة والاستحباب
، كما أنّ الغلبة الّتي اعتبرها الإمام في الأخير منها يحمل على كونه من جهة إحراز
ما يرتفع معه الكراهة ، ومع الغضّ عن جميع ذلك فهذه الأخبار غير صالحة لمعارضة ما
سبق لقلّتها ، وعدم عامل بها ظاهرا ، أو شذوذ العامل على فرض ثبوته ، مع ما عرفت
من كون ما سبق بالغ حدّ التواتر بل متجاوز عنه ، فلا يلتفت إلى غيره ، أو يلزم
التأويل فيه تقديما للسند على الدلالة كما قرّر في محلّه ، وهو الطريقة المستمرة
بين الأعلام.
المطلب الثاني : قد عرفت أنّ مفاد
الأخبار المذكورة اعتبار العلم في النجاسة وعدم كفاية الظنّ فيها وأنّه لا يقوم
مقام العلم ، وهو المحكيّ
عن ابن البرّاج [١] من قدماء أصحابنا ، بل لم نعثر في ذلك على نقل مخالفة
عدا ما عن الحلبي [٢] من أنّ الظنّ بها مطلقا يقوم مقام العلم ، وقد يسند إلى
العلّامة في التذكرة [٣] التفصيل بين ما كان عن سبب كإخبار العدل فهو كاليقين
وما لم يكن كذلك فلا يكتفى به ، وقد يقال : إنّه في جملة من كتبه يكتفي به إذا كان
من شهادة العدلين دون غيره والأولى إيراد كلمات العلّامة رحمهالله في المطلب الآتي إذ لا مخالفة له في هذا المقام ، حيث
إنّه لا يكتفى بمطلق الظنّ.