بالطهارة ـ كما ادّعى عليه الإجماع ـ والمطهّريّة ـ كما عليه جماعة من فحول
الأصحاب ـ فإذن يكون ذلك دليلا آخر مضافا إلى ما قرّرناه من القاعدة.
وعن المفيد في
المقنعة [١] القول باستحباب التنزّه منه ، بل عنه [٢] ذلك أيضا في
ماء الاغسال المستحبّة ، بل الغسل المستحبّ كغسل اليد للأكل ، ومستنده غير واضح.
نعم ، ربّما
يعزى إلى شيخنا البهائي في الحبل المتين الاستدلال بما في الكافي عن محمّد بن عليّ
بن جعفر عن الرضا عليهالسلام قال : « من اغتسل فيه فأصابه الجذام ، فلا يلومنّ إلّا
نفسه » [٣] قائلا ـ بعد إيراد الخبر ـ : « وإطلاق الغسل في هذا
يشمل الغسل الواجب والمندوب وفي كلام المفيد في المقنعة تصريح بأفضليّة اجتناب
الغسل والوضوء بما استعمل في طهارة مندوبة ، ولعلّ مستنده هذا الحديث ، وأكثرهم لم
يتنبّهوا له » [٤] انتهى.
أقول
: وكان ما نقله رحمهالله خبر آخر عثر عليه مخصوص بما استعمل في الوضوء ، وإلّا
فلو كان إشارة إلى الخبر المتقدّم في ذيل مسألة غسالة الحمّام فالاستناد إليه في
هذا المقام ليس من شأن العامي فضلا عنه ومن هو دونه ، لاختصاص هذا الخبر على ما هو
صريح صدره وذيله بالماء الّذي يغتسل فيه.
ومن هنا أورد
عليه في الحدائق : « بأنّ عجز الرواية المذكورة يدلّ على أنّ مورد الخبر المشار
إليه إنّما هو ماء الحمّام » ، إلى أن قال : « وهذا أحد العيوب المترتّبة على
تقطيع الحديث ، وفصل بعضها عن بعض ، فإنّ بذلك ربّما تخفى القرائن المفيدة للحكم
كما هنا »[٥]انتهى ، كما أنّه كذلك لو كان إشارة إلى ما عن الكافي ،
عن محمّد بن عليّ بن جعفر ، عن أبي الحسن الرضا عليهالسلام قال : « من أخذ من الحمّام خرقة فحكّ بها جسده فأصابه
البرص ، فلا يلومنّ إلّا نفسه ، ومن اغتسل من الماء الّذي قد اغتسل فيه ، فأصابه
الجذام فلا يلومنّ إلّا نفسه » [٦] نعم لو قيل بجريان قاعدة التسامح وأدلّة السنن في مثل
فتوى فقيه واحد كان استحباب الاجتناب متّجها من غير إشكال ، كما لا يخفى.