حديثه ، إلّا فيما يرويه عن الحسن بن محبوب من كتاب المشيخة ، ومحمّد بن
أبي عمير من نوادره ، وقيل : وقد سمع هذين الكتابين جلّ أصحاب الحديث ، واعتمدوه
فيهما.
وقيل فيه :
لعلّ قبول الغضائري والجماعة لما يرويه من الكتابين لتواترهما عندهم وشهرتهما ،
وحينئذ فلا يضرّ ضعف الطريق إليهما ، ويحتمل أن يكون قد صنّفهما في حال استقامته ،
وهذه الرواية قد رواها عن الحسن بن محبوب ، ولو ثبت عمل الأصحاب كلّا أو جلّا بهما
على نحو الاستناد ارتفع الإشكال.
وأضاف إليهما
في المنتهى [١] صحيحة حريز عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « كلّما غلب الماء على ريح الجيفة فتوضّأ من
الماء واشرب » [٢] ، وذكر أنّ الاستدلال بها من وجهين :
أحدهما
: عموم جواز
الاستعمال ، سواء استعمل في الوضوء أم لا.
الثاني
: أنّه إذا لاقى
النجاسة العينيّة كان حكمه جواز الاستعمال ما دام وصف الماء باقيا ، فالأولى إنّه
إذا رفع به الحدث مع عدم ملاقاة النجاسة جاز استعماله ، وليس في محلّه لضعف ما
ذكره من الوجهين.
أمّا
الأوّل : فلمنع ما
ادّعاه من العموم ، إذ ليست الرواية إلّا في معرض بيان أنّ غلبة الماء على ريح
الجيفة توجب عصمته عن الانفعال بها ، فجاز التوضّي به لأجل ذلك ، فكانت ساكتة عن
الجهات الاخر الّتي منها المبحوث عنه.
ولذا لا يقول
أحد بجواز استعماله ثانيا بعد ما استعمل في إزالة الخبث ، استنادا إلى تلك الرواية
، مع جريان ما قرّره من العموم فيه أيضا.
وأمّا
الثاني : فلمنع
الأولويّة بعد البناء على حمل الرواية على الكرّ ، دفعا للمنافاة بينها وبين
روايات الانفعال بالملاقاة ، فإنّ الكرّيّة إذا كانت عاصمة له عن ظهور أثر النجاسة
فيه فالأولى كونها عاصمة له عن ظهور أثر الحدث فيه ، وأمّا مع القلّة كما ـ هو
محلّ البحث ـ فلا عاصم له عن الانفعال ، ومعه كيف يقاس عليه غيره في نقيض هذا
الحكم ويدّعي عليه الأولويّة.
نعم ، يمكن
الاستناد إلى الأولويّة بالقياس إلى رافع الحدث الأكبر لو قيل فيه