نام کتاب : المسائل العكبرية نویسنده : الشيخ المفيد جلد : 1 صفحه : 89
فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَ أَشْفَقْنَ مِنْها وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا[1] فقال [2] فهل يجوز العرض على الجماد و التكليف له أ و ليس الامتناع من ذلك كفرا و هل كان العرض على سبيل التخيير أم على الإيجاب فإن كان على الإيجاب فقد وقع العصيان و إن كان على التخيير فقد جاز حظر [3] الأمانة و ترك أدائها.
و الجواب [4] أنه لم يكن عرض في الحقيقة على السماوات و الأرض و الجبال بقول صريح أو دليل ينوب مناب القول و إنما الكلام في هذه الآية مجاز [5] أريد به الإيضاح عن عظم الأمانة و ثقل التكليف بها و شدته على الإنسان و أن السماوات و الأرض و الجبال لو كانت ممن يعقل لأبت [6] حمل الأمانة لو عرضت عليها [7] و قد تكلفها الإنسان و لم يؤد مع ذلك حقها.
(فصل) و نظير ذلك قوله تعالى تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَ تَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَ تَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا[8] و معلوم أن السماوات و الأرض و الجبال جماد لا تعرف الكفر من الإيمان و لكن المعنى في ذلك إعظام ما فعله المبطلون و تفوه به الضالون و أقدم عليه المجرمون من الكفر بالله تعالى و أنه من عظمه جار مجرى ما يثقل [9] باعتماده على السماوات و الأرض و الجبال من الأحمال و أن الوزر به [10] كذلك فكان الكلام في معناه بما جاء به التنزيل مجازا و استعارة كما ذكرناه.
(فصل) و من ذلك قوله تعالى وَ إِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ وَ إِنَّ مِنْها