و الجواب و بالله التوفيق إن الله أخبر عن نبيه ص أنه لم يكن له علم بذلك [2] و أنه طوى عنه علمه فالسؤال لنا عن ذلك إعنات و تكلفنا الجواب عنه ضلالة [3] و ما رأيت أعجب ممن يسئل رعايا الأنبياء عما طوى عن أنبيائهم و يكلفهم الإخبار عما لم يخبروا به و ليس كل أمر حدث فقد أوحى الله به إلى الأنبياء ع و لا كل معلوم له قد أعلمهم إياه و ليس يمتنع أن يطوي عنهم علم كثير من معلوماته [4] و يعلم أن ذلك أصلح لهم في التدبير و غير منكر أيضا أن يطلعهم على شيء و يكلفهم ستره عن غيرهم فسؤال هذا السائل عما أخبر نبي الهدى ص [5] بأنه لا علم له به ضلال عن الحق و عدول عن طريق الهدى و تكليف بممتنع [6] لا يحسن من حكيم تكليفه.
(فصل) مع أنه قد روى في الحديث أن الله تعالى أعلم نبيه من بعد فيما اختصموا به و هو أنهم اختصموا في الدرجات بالأعمال و التفاوت [7] فيها فكانت [8] طائفة منهم تظن في ذلك شيئا و تخالفها الأخرى فيه فبين الله لهم الحق في ذلك فأجمعوا عليه و هذا خبر و إن كان مرويا فليس مما يقطع به و الله أعلم.
[ما المراد من العرض في آية العرض]
(المسألة الثانية و الثلاثون) و سأل عن قوله تعالى إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ