و المراد بالقضاة المنصوبين عن الإمام (عليه السلام) هم النوّاب عنه في الأمر الأوّل، و أمّا إعطاء شعبة من ولايته العامة لأحد مطلقا أو مقيّدا فلا مجال لأحد فيه، ألا ترى أنّ ولاية الإمام (عليه السلام) الباقية إلى يوم القيامة من النبي (صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم)! و من هنا ظهر أنّ نصب الصادق (عليه السلام) للفقهاء في زمان الغيبة ليس من قبيل الأوّل؛ إذ لا معنى لاستنابة من سيوجد، بل هو من قبيل الثاني، و لهذا لا يعتبر فيه وجود الشخص في زمان التولية، و لو وجد لم ينعزل بموت الإمام (عليه السلام)، فظهر مما ذكر عدم المنافاة بين حكم الأصحاب [1]- عدا الشيخ في المبسوط [2]- بانعزال القضاة بعد موت الإمام (عليه السلام)، و حكمهم بولاية الفقهاء- الذين لم يوجدوا في عصر من نصبهم بعد موته- بألف سنة أو أزيد، و أنّه لا حاجة إلى التمسك في ذلك بالإجماع أو التوقيع المروي [3] عن مولانا القائم (عليه السلام)، و رفع اليد عن المقبولة [4] التي عليها تدور رحى استدلال العلماء في ثبوت الولاية و الحكومة للفقيه في زمن الغيبة.
[1] انظر السرائر 2: 176، و الشرائع 4: 71، و الجامع للشرائع: 530.
[2] انظر المبسوط 8: 127، لكنّه بعد سطور حكم بما حكم به الأصحاب، فراجع.
[3] الوسائل 18: 101، الباب 11 من أبواب صفات القاضي، الحديث 9.
[4] الوسائل 18: 98، الباب 11 من أبواب صفات القاضي، الحديث الأوّل.