فإنّ الأخيرة: فيها مضافاً إلى ورود لفظ الاستيجاب فيها الدالّ على أنّ شراءه (عليه السّلام) كان باللفظ، و لا سيّما في الأرض، فإنّ المعاطاة فيها غير متعارفة أنّ الفعل الواقع في موقع خاصّ لا إطلاق له ليتمسّك به عند الشكّ.
و أمّا الطائفة الأُولى: فإرادة مطلق الخيار منها غير ممكن؛ للزوم الاستهجان بتقييدات كثيرة لسائر الخيارات، و إرادة خصوص خيار المجلس منها لا يُجدي لإثبات اللزوم بعد انقضاء زمان الخيار؛ حتّى يتمسّك بها لإثبات لزوم المعاطاة، فإنّ قوله (عليه السّلام): «حتّى يفترقا» يكون قيداً محقّقاً لموضوع هذا الخيار، فلا مفهوم له إلّا على نحو السلب بانتفاء الموضوع.
و ممّا يدلّ على ذلك عطف خيار الحيوان على هذا الخيار في عدّة من الروايات، و منها الصحيحة المتقدّمة، فإنّ هذا العطف ظاهر في تنويع الخيار في المجلس و الحيوان، فالثابت للبيّعين قبل الافتراق خيار خاصّ، و سمّاه الفقهاء بخيار المجلس من هذه الجهة، و استدلّوا على ذلك الخيار فقط بهذه الجملة لذلك.
و قد ظهر بهذا الجوابُ عن الطائفة الثانية أيضاً، فإنّ الخيار فيها ليس على إطلاقه، و إلّا لزم الاستهجان، بل هو خيار خاصّ، فالقيد محقّق للموضوع و الوجوب، أو عدم الخيار حيثيّ من جهة تلك العلّة.
و يدلّ على ذلك استعمال «وجب البيع» في غير خيار المجلس أيضاً، كرواية عليّ بن رئاب في خيار الحيوان: «فإذا مضت ثلاثة أيّام فقد وجب الشراء» [1]، فإنّ المستفاد من هذا أنّ الحكم حيثيّ، و لا إطلاق له حتّى يقال: إنّه بعد انقضاء زمان
[1] قرب الإسناد: 78/ 3، وسائل الشيعة 12: 350، كتاب التجارة، أبواب الخيار، الباب 3، الحديث 9.