ثمّ إنّ ما ذكر من أنّ نتيجة التحريم الفساد، فلو لم نقل باقتضائه الصحّة كما عن أبي حنيفة و الشيباني [1] فلا نقول باقتضائه الفساد أيضاً؛ لعدم الملازمة، كما برهن عليه في الأُصول [2]، مضافاً إلى أنّ متعلّق النهي التصرّف لا البيع، فيدخل في مسألة الاجتماع، لا دلالة النهي على الفساد، و قد ذكرنا مراراً: أنّه يكفي في دفع غائلة الاجتماع، تعدُّدُ العنوان و إن لم يوجب ذلك تعدّد المعنون [3]، فإنّ مركز تعلّق الأمر و الاتّحاد مختلفان. و لو قلنا بأنّ النهي متعلّق بالبيع، فأيضاً لا يدلّ على الفساد و إن قلنا بدلالة النهي على الفساد، فإنّ مركز تعلّق النهي نفس طبيعة البيع و العقد، و هي سابقة على الوجود، و مركز تعلّق وجوب الوفاء العقد الخارجي و البيع الخارجي؛ لا أقول بتعلّقه بالفرد بخصوصيّاته المشخّصة له، بل أقول: نفس طبيعة العقد غير قابلة للوفاء بها، بل القابل للوفاء هو العقد الخارجي؛ و إن كان ذلك موضوعاً لوجوب الوفاء بما هو عقد لا غير، فقد اختلف الموضوعان، و نتيجة ذلك أنّ طبيعة العقد منهيّ عنها، لكن لو تحقّقت هذه الطبيعة وجب الوفاء بها، مضافاً إلى أنّ المنهيّ عنه فعل الفضولي، و المكلّف بالوفاء المالك بعد إجازته، و على هذا أيضاً يختلف الموضوعان، فلا وجه لتوهّم دلالة هذا النهي على الفساد؛ و إن قلنا بدلالة النهي في المعاملات على الفساد.
و قد عرفت: أنّه لا فرق بين تعلّق النهي بالأسباب أو المسبّبات [4]؛ و إن فصّل
[1] انظر مطارح الأنظار (تقريرات الشيخ الأنصاري) الكلانتر: 166/ سطر 15. و شرح تنقيح الفصول: 173.