و فيه: أنّ بيع العاقد لنفسه ثمّ الاشتراء و الإجازة مورد لتوهّم الصحّة، و قد وقع فيه الخلاف أيضاً، و الأدلّة المانعة شاملة لذلك، كما هو مورد بعضها، بخلاف أدلّة الصحّة، فالنسبة عموم و خصوص مطلقاً. نعم لو لزم من التخصيص الاستهجان يعامل معهما معاملة التعارض بالتباين، و لكنّه لا يلزم ذلك. و الذي يسهّل الخطب عدم وصول النوبة إلى المعارضة على ما مرّ.
أنّ التصرّف في مال الغير من دون إذنه قبيح عقلًا و شرعاً، و بيع مال الغير تصرّف فيه، فهو قبيح عقلًا، و محرّم شرعاً لو وقع بلا إذن من مالكه، و نتيجة التحريم الفساد.
و يرد عليه:
أوّلًا: أنّ البيع ليس من التصرّف في شيء؛ لا من العاقد، و لا من العقلاء، و لو سُلّم فإنّه تصرّف من العقلاء لا العاقد، فإنّ ما يوجده العاقد ليس إلّا الإنشاء، و أمّا المبادلة فهي مترتّبة على ذلك ترتّب الحكم على موضوعه من جهة اعتبار العقلاء ذلك.
و الحاصل: أنّه قد مرّ سابقاً الفرق بين الاعتبار الإنشائي و الحقيقي [2]، و لو سلّمنا كون البيع تصرّفاً، فإنّما هو الاعتبار الحقيقي منه الذي هو قائم بنفس العقلاء، و لا يمكن إيجاد العاقد له، فإنّه من إيجاد فعل الغير، و ما هو بيد العاقد ليس إلّا الإنشاء، و هذا ليس تصرّفاً [3].
[3] و لو سلّمنا أنّ الإنشاء تصرّف، لكن لانسلّم ذلك على الإطلاق، بل المسلّم هو الإنشاء المترتّب عليه الأثر، و إلّا فالبيع الفاسد ليس تصرّفاً في شيء. فعلى ذلك التمسّك بدليل عدم حلّ التصرّف لإثبات الفساد دوريّ، كما لا يخفى على المتأمّل. المقرّر دامت بركاته.