و بالجملة: الامتثال قد تحقّق بالإتيان بنفس الطبيعة، غاية الأمر هنا وجدت نفس الطبيعة بنعت الكثرة، و هذا لا يضرّ بوحدة الامتثال، فإنّ الإتيان بالطبيعة المتكثّرة غير الإتيان بالمأمور به متكثّراً، بل هو الإتيان بالمأمور به [القابل للتحقّق بنعت الوحدة «الشخصيّة» و بنعت الكثرة] بنعت الكثرة، و ما به الامتثال شيء مجرّد عن الوحدة «الشخصيّة» و الكثرة، و هو نفس الطبيعة.
و يمكن تقريب الاستدلال بوجه أسهل: و هو أنّ الأمر الواحد المتعلّق بطبيعة لا يقتضي إلّا إيجاد متعلّقه؛ أي الإتيان بهذه الطبيعة، و الطبيعة في عالم لحاظها أمر واحد، و لا قيد فيها حتّى لحاظها؛ لعدم إمكان لحاظ الطبيعة المقيّدة باللحاظ بنفس هذا اللحاظ، و في هذه النشأة تتّصف بالكليّة و الجزئيّة، فإنّها هي القابلة للصدق على كثيرين، أو لا يقبل الصدق إلّا على الواحد، و هذا مراد من قال: بأنّ الطبيعة من حيث هي ليست إلّا هي، لا ما فهمه بعض: من أنّها غير قابلة للحوق خصوصيّة بها، و لذا بنى على أنّ متعلّق الأمرِ الطبيعةَ مرآةٌ إلى ما في الخارج [1]، و قد ذكرنا ما في ذلك من الإشكال العقلي [2]، فالطبيعة في هذا اللحاظ ليست إلّا ذاتها، و قابلة للانطباق على الواحد و على الكثير في الطبيعة الكلّيّة التي هي مفروض كلامنا، و حيث إنّ الامتثال هو الإتيان بالمأمور به، فيحصل امتثال الأمر بالطبيعة بإتيان هذه الطبيعة و إيجادها في وعاء الأين كيف اتّفقت و لو متكثّرة؛ لصدق الطبيعة على الواحد و الكثير كما مرّ.
نعم، الإتيان بالكثرات بهذا النعت ليس امتثالًا له، بل الامتثال هو الإتيان بنفس الطبيعة الموجودة بنعت الكثرة في مفروض كلامنا هذا، مضافاً إلى ما ذكرنا