يكون كلّ من ذلك امتثالًا، أو هنا امتثال واحد بفرد معيّن، أو غير معيّن، أو بالمجموع، أو بالجامع، أو لا يكون امتثالًا؟
لا إشكال في حصول الامتثال حينئذٍ كما يشهد به الوجدان، و الامتثال بفرد معيّن ترجيح بلا مرجّح، و الفرد الغير المعيّن لا وجود له، و المجموع لم يتعلّق به أمر، فيدور الأمر بين أمرين: إمّا أن يقال بحصول الامتثالات بعدد الأفراد المتحقّقة، أو الامتثال الواحد بالجامع.
فيمكن أن يقال: إنّ الجامع بنعت الجامعيّة لا وجود له، بل الموجود هو الفرد، و الطبيعة [1] موجودة بوجوده، فالطبيعة الموجودة متكثّرة لا محالة، و الجامع لا وجود له إلّا بنعت الكثرة، فلا يمكن الالتزام بحصول امتثال واحد بالجامع لتكثّره، فهنا امتثالات بعدد تكثير الطبيعة.
و التحقيق: حصول امتثال واحد بالإتيان بالجامع و هو نفس الطبيعة.
بيان ذلك: أنّه قد مرّ آنفاً: أنّ الأمر المتعلّق بشيء لا يمكن أن يسري إلى غيره و المفروض أنّ الأمر متعلّق بنفس الطبيعة. غاية الأمر أنّ الطبيعة في نشأة لحاظها موجودة بنعت الوحدة، و في نشأة تحقّقها قد توجد بنعت الكثرة، لكنّ امتثال الأمر المتعلّق بنفس الطبيعة هو الإتيان بنفس الطبيعة، و كما لم يؤخذ شيء من الكثرات و الخصوصيّات المشخّصة و غير ذلك في متعلّق الأمر، كذلك شيء من ذلك غير دخيل في مقام الامتثال، بل عالم الامتثال مثل عالم تعلّق الأمر و هو لحاظ الآمر متعلّق أمره عالم التجريد عن جميع الخصوصيّات عدا نفس الطبيعة. و في المقام و إن وجدت أفراد متكثّرة دفعة في مقام الامتثال، إلّا أنّ ما به الامتثال إتيان نفس الطبيعة مجرّدة عن جميع لواحقه، و الوحدة و الكثرة و هما المساوقان
[1] انظر نهاية الأُصول: 124، و تهذيب الأُصول 1: 131. و للإمام الخميني (رحمه اللَّه) تقريرات مباحث أُصول المحقّق البروجردي (قدّس سرّه).