مات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والتحق بالرفيق الأعلى بعد أن أدى رسالة ربه، وبلّغ عنه ما أمره بتبليغه، ولم يأل جهداً في النصح لأمته، وارشادهم، وانتشالهم من هوة الجاهلية وغياهبها واباكيلها وأباطيلها. ثم ودّعهم وداعه الأخير تاركاً فيهم وديعته الغالية وهو دينه الذي ارتضاه لهم رب العالمين، وشريعته التي صدع بها، واوصاهم بتعاهدها وحفظها من الضياع والاندثار لأنها القانون الالهي الذي سنّه لعباده، ونشره في بلاده لن يرتضى منه بدلا، ولن يقبل عنه متحولا (ان الدين عند الله الاسلام)[1](ومن يبتغ غير الاسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في اللآخرة من الخاسرين)[2](ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون)[3].
فواجب الأمة أجمع صيانة هذا الدين من الانطماس والاندراس، والعمل به كما أنزل وشرع بغير تبديل أو تغيير، أو تحريف أو تحوير. ولكن هل دلّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أمته على طريقة الأخذ بهذا الدين، ومنهج الاتباع لهذه السنّة وعمّن تؤخذ، ومن المفزع عند الاختلاف، ومن الملجأ في الملمات والمهمات؟ هذا ما سنبحث عنه في البحوث الآتية موجزاً ليتناسب مع وضع الرسالة.