ذلك الزمان و غيره، و من المعلوم أنّ حمل اللام على العهد إلى عقود خاصة خلاف الأصل.
و نظير هذا الاشكال ما يقال أيضا من: أجنبية الآية عن العقود الفقهية و العهود المتعارفة، إذ المراد بها العقود التي أخذها الرسول الأعظم (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) من المسلمين من الإقرار بولاية أمير المؤمنين عليه أفضل صلوات المصلين، كما يظهر ممّا رواه القمّي عن أبي جعفر الثاني (عليه السلام)، قال (عليه السلام): «ان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) عقد عليهم لعليّ (عليه السلام) بالخلافة في عشرة مواطن، ثم أنزل يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ التي عقدت عليكم لأمير المؤمنين (عليه السلام)» [1].
و عليه فلا موضوع للاستدلال بهذه الآية على اللزوم من كون الأمر بالوفاء مولويا أو إرشاديا، و من كون العقود مطلق العهود أو خصوص الموثّق منها.
لكن يمكن أن يقال: بأنّ ورود الآية المباركة في الأمر بالوفاء بالميثاق المأخوذ من المسلمين- بل من كافّة أهل السماوات و الأرضين- و تطبيقها عليه لا يمنع من عموميّتها المستفادة من الجمع المحلّى باللام، و من تفسيره بمطلق العهود كما في صحيحة عبد اللّه بن سنان المتقدمة، فالمأمور به هو الوفاء بكل عقد و عهد التزم به المؤمن و أقرّ به، سواء أ كان التزاما معامليا أم نذرا أم عقد القلب على الانقياد للإمام المفترض الطاعة، و القيام بما يقتضيه.
و عليه فلا مانع من هذه الجهة عن الأخذ بالعموم، و اللّه العالم.
السابع: ما عن الفاضل النراقي (قدّس سرّه) من أنّه يحتمل أن يكون المراد بالعقود في الآية سائر معاني العهد كالوصية و الأمر و الضمان، قال: «و لو سلّمنا أنّ للعهد معنى يلائم العقود الفقهية، فإرادة ذلك من الآية غير معلومة». [2]
و فيه: أوّلا: أنّه لم يظهر مرادفة العقد للعهد، بل الظاهر خلافه.
و ثانيا: أنّ المتسالم عليه بين اللّغويّين و الفقهاء و غيرهم شمول «العقد» للعقود الفقهية.