نام کتاب : نظام الحكومة النبوية نویسنده : الكتاني، عبد الحي جلد : 1 صفحه : 192
النبوية رتبها على حروف المعجم، و قد طبعت في أربع مجلدات، و هي على كل حال قلّ من كثر و نقطة من بحر.
باب في استنشاده (صلى الله عليه و سلم) شعر الهالكين في غير موضع
خرّج مسلم [1] و البخاري في الأدب المفرد عن عمرو بن الشريد عن أبيه قال:
استنشدني النبي (صلى الله عليه و سلم) من شعر أمية بن أبي الصلت، فأنشدته مائة قافية أو بيت. و في مسلم أيضا من حديث عمرو بن الشريد عن أبيه؛ ردفت النبي (صلى الله عليه و سلم) يوما فقال: هل معك من شعر أمية؟ قلت: نعم. قال: هيه فأنشدته بيتا. قال: هيه، فأنشدته بيتا فقال: هيه، حتى أنشدته مائة بيت، فقال: إن كاد ليسلم [2]. قال القرطبي فيه دليل على حفظ الأشعار و الاعنتاء بها إذا تضمنت حكما و معاني مستحسنة شرعا و طبعا.
قلت: استنشاده (عليه السلام) شعر الكفار يؤخذ مما سبق، لأن أمية بن أبي الصلت هو الذي قال فيه المصطفى: آمن شعره و كفر قلبه.
سماعه (عليه السلام) الشعر المتضمن التشبيب و الغزل
كتشبيه الريق بالراح، و غير ذلك من أنواع التشبيبات.
قصة إنشاد كعب بن زهير للنبي (صلى الله عليه و سلم) قصيدته: بانت سعاد. مشهورة فحقن (صلى الله عليه و سلم) دمه بها بعد الإهدار، و أجازه بعد بمائة من الإبل. و منّ عليه ببردته، و قد اشترى تلك البردة منه معاوية بثلاثين ألف درهم و كانت عنده من أجلّ ملكه و أعظم، و كانت أمراء بني أمية يتبركون بلبسها في الأعياد و المواسم، و يعدّونها أفخر لباس حتى و صلت مع الدولة لبني العباس، و كان للأمة الإسلامية كبير اعتناء بهذه القصيدة اللامية البديعة؛ حفظا و استنشادا و شرحا و معارضة.
قال الشيخ الأديب أبو جعفر البصير الألبيري الأندلسي لما ذكر الكعبية هذه: و هذه القصيدة لها الشرف الراسخ، و الحكم الذي لم يوجد له ناسخ، أنشدها كعب في مسجده (عليه السلام) بحضرته، و حضرة أصحابه و توسل بها، فوصل إلى العفو عن عقابة، فسدّ (صلى الله عليه و سلم) خلّته، و خلع عليه حلّته، و كفّ عنه كفّ من أراده، و أبلغه في نفسه و أهله مراده، و ذلك بعد إهدار دمه، و ما سبق من هذر كلمه محت حسناتها تلك الذنوب، و سترت محاسنها وجه تلك العيوب، و لولاها لمنع المدح و الغزل، و قطع من أخذ الجوائز على الشعراء الأمل، فهي حجة الشعراء فيما سلكوه، و ملاك أمرهم فيما ملكوه، حدثني بعض شيوخنا بالإسكندرية، أن بعض العلماء كان لا يفتتح مجلسه إلا بقصيدة كعب. فقيل له في ذلك.