responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نظام الحكومة النبوية نویسنده : الكتاني، عبد الحي    جلد : 1  صفحه : 12

يقرءون من كتبها الهمزية بشرحها لبنيس، فلذلك لا يستغرب أن يشذّ عن أبصارهم أمثال هذه الوظائف و المراتب و الإدارات.

و ربما استبعد ذلك آخرون من حيث أن الكتاب الذين تصدروا أخيرا للبحث في المدنية الإسلامية العربية و دونوا فيها المدونات العدة من المسلمين و المسيحيين غاية ما ينسبون من التمدن للإسلام؛ يذكرون ما وجد على عهد الدولة العباسية و الأموية مثلا، مع ما أوجدته بعد ذلك ممالك العجم و الديلم و الترك و الفرس و البربر و غيرهم، من ملوك الدول الإسلامية بالشرق و الغرب. بل و ربما كانوا يأتون بنسبة المدنية في الإسلام لبني العباس، ليتسنى لهم بعد التصريح بأنهم أخذوا ذلك عن اليونان و الفرس، لا عن القرآن و النبي (صلى الله عليه و سلم). بل وقع لبعض الكتاب الشاميين في رسالة له في انتشار الأديان التصريح بأن التمدن الإسلامي قام عن الشريعة الإسلامية و لم يقم معها ا ه. و هو غلط فادح نتج لصاحبه عن جهله بالسير و الحديث، أو من عدم تشخصه لحقيقة ينابيع المدنية التي جعل الحكماء أساسا لها. أما النظر إلى الأبنية لأنها عنوان رقي الجماعات، الذين يسكنونها، أو إلى المخلفات العلمية و الأدبية و الفلسفة؛ لأنها مجلى حقيقة ما كانوا عليه من المدارك، أو الثروة التي كانوا يتنعمون بها، لأنها تدل على اقتدارهم في الصناعة و الزراعة و التجارة، و بالأخير إلى شرائعها، لأن الشرائع أعظم دليل على ما كان في تلك الأمة من الأخلاق الراقية و عدمها، و من المساوات أو التفاوت في المقامات، و من العدل أو الظلم، و من الآداب الحسنة أو الأخلاق السيئة، و من عرف نهضة الإسلام و تعاليم النبي (عليه السلام) و أمعن النظر في تلك النهضة تحقق أن ليس هناك من أساليب التمدن ما لم يكن الإسلام في وقت ظهوره أصلا له، و ينبوعا فمن تأمل ما بثه النبي (صلى الله عليه و سلم) من التعاليم، و أنواع الإرشاد، و ما حوى القرآن من آداب الاجتماع، و سنّ من طرق التعارف و التمازج، و ما أودع اللّه غضون كلماته الجوهرية من أحكام الطبيعة و أسرار الوجود و فرائد الكائنات، و ما ضبط من الحقوق و سنّ من أنظمة الحياة و ما تلته به السنة النبوية من تهذيب النفوس و الأخلاق، و الإرشاد للأخذ بالأحسن فالأحسن و أحكمته من سنن الارتقاء و الإخاء البشري و التمتع بضروب الحرية علم أن التمدن الإسلامي في إبان ظهوره قامت معه تلك الأعمال لتأثير تلك التعاليم على قلوب سامعيها في ذلك الحين.

نعم.

لا ننكر أن التمدن الإسلامي جرى مجرى النشوء الطبيعي في كل شي‌ء، و سار سيرا تدريجيا إلى أن وصل إلى أوجه في السمو، فمن لم يتأمل ذلك و لم يحط نظرا في الموضوع بما له و عليه، لا بد أن يغيب عن علمه ما بلغته الإدارات، و العمالات و الصناعة و التجارة في تلك العشر سنوات، التي قضاها (صلى الله عليه و سلم) في المدينة المنورة بعد الهجرة النبوية، و أن الترقي و العمران وصل فيها إلى إحداث ما يعرف من الوظائف اليوم في إدارة الكتابة و الحساب و القضاء و الحرب و الصحة و نحو ذلك خصوصا من غاية علمه عن ذلك الدور أن‌

نام کتاب : نظام الحكومة النبوية نویسنده : الكتاني، عبد الحي    جلد : 1  صفحه : 12
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست