نام کتاب : موسوعة كربلاء نویسنده : لبيب بيضون جلد : 1 صفحه : 679
و يعودون بأنفسهم إلى أصولهم و أحسابهم، حتّى كأنهم لم يسمعوا بالباطل و لا عهد لهم به. لقد عادوا خلقا جديدا غير الّذي كانوه بالأمس، فكأنهم من بعد غير الذين كانوا من قبل.
و قد يعجب المرء من هذا التحول الانقلابي، و هذا التبدّل الفجائي، غير متذكّر أن التربية و التوجيه في الصغر يتركان في صاحبهما جذورا قوية من النبل و الأدب و الأخلاق. تظل متشعبة في حنايا نفسه، لا تموت و لا تغيب، رغم ما تخضع له من عواصف متقلّبة، و أنواء متغيّرة، لا تلبث بعد حين أن تنقشع غيومها، و تنجرف رواسبها، فتعود النفس مشرقة و ضّاءة، غنية خيّرة معطاءة، فتنبت بذورها، و تعلو سوقها، مورقة مزهرة، تفيض بالحق، و تجود بالخير.
و ليس لنا من مثال نضربه على هؤلاء الأشخاص أروع من مثال:
«الحر بن يزيد التميمي»
ذلك الرجل الحر، الّذي أوتي من كرم الأصل و حسن المنبت و طيب السريرة، ما جعله يؤوب إلى الحق بعد انحرافه، و يعود إلى التصديق و الإخلاص و الوفاء، و قد كان حربا عليها. و ينجو من نار جهنم، و قد كان على شفا حفرة منها. و ينال الشهادة و السعادة و الفوز، و قد كان في منأى عنها.
و إن هذا المثل الخالد من تراثنا التليد، إن كان يدلّ على شيء، فإنما يدلّ على أن حسن التوجيه و التربية في الصغر، غالبا ما تؤدي بصاحبها إلى السعادة و النجاة و الفوز بالجنة، و تكون له ذخرا و سندا في كبره، على الرغم مما يتعرض له من محن و أخطاء، و فتن و أخطار.
نام کتاب : موسوعة كربلاء نویسنده : لبيب بيضون جلد : 1 صفحه : 679