نام کتاب : موسوعة كربلاء نویسنده : لبيب بيضون جلد : 1 صفحه : 37
ميزة أخرى لأبي مخنف و رواياته:
و مما يتميز به أبو مخنف أن رواياته تبدأ بعصر الفتوحات، و أنه يخبرنا في الأغلب عن فترة كان هو نفسه يعيش فيها، و هي تبدأ بوقعة صفين، و يرجع ذلك إلى أن اهتمامه اقتصر على المكان الّذي كان يعيش هو فيه، أعني على العراق و عاصمته الكوفة. و الموضوعات التي يتناولها بشغف خاص هي ثورات الخوارج و الشيعة، التي كان على رأسها ... (مثل) حجر بن عدي و الحسين بن عليّ (عليه السلام) و سليمان بن صرد و المختار الثقفي ...
أبو مخنف كان موضوعيا رغم أن ميله شيعي:
فأبو مخنف يمثّل الروايات العراقية، و هواه في جانب أهل العراق على أهل الشام، و في جانب عليّ (عليه السلام) على بني أمية. و مع ذلك فإن الإنسان لا يلاحظ عند أبي مخنف شيئا من الأغراض يستحق الذكر.
المؤرخون الذين جاؤوا بعده:
و عند الحديث عن الدولة الأموية و أحزاب المعارضة، لا يقدّم أبو مخنف المادة الغزيرة، لذلك فإن أصدق مرجع لها هو الروايات المدنية (نسبة إلى المدينة المنوّرة)، فهي أهم الروايات القديمة، و هي من حيث أصولها أقدم من الروايات الكوفية. غير أن أصحابها الذين وصلت إلينا عنهم روايات كافية، أحدث عهدا من أبي مخنف. و أهم حملة هذه الروايات المدنية هم خصوصا: ابن اسحق، و أبو معشر، و الواقدي [ت 207 ه]. و هم لم يكونوا يجمعون مادة الروايات من مصادرها الأصلية، كما فعل الرواة قبلهم، بل إنما وصلت إليهم الروايات من حفظ رواية العلماء لها. و هؤلاء نظروا فيها و نخلوها، و كتبوها من جديد و مزجوا بينها، و لكنهم خصوصا ربطوا بينها ربطا أوسع و أدقّ مما كان قبلهم. و هم في الوقت نفسه رتّبوها ترتيبا زمنيا مطّردا، بحيث خرج على أيديهم من الروايات المفككة لأخبار الأحداث الكبرى المتفرقة، تاريخ متصل.
و يمكن أن يعتبر ابن اسحق مؤسس هذا التاريخ، و هو يتميز- هو و من جاء بعده- بكتابة التاريخ في صورة ذكر الأحداث التي وقعت في كل عام، و هي الصورة التي أصبحت متّبعة.
نام کتاب : موسوعة كربلاء نویسنده : لبيب بيضون جلد : 1 صفحه : 37