خطبته فناوله كتابا، فأقبل ينظر فيه، فقال له ابن عبّاس رضي اللّه عنهما:
يا أمير المؤمنين، لو اطّردت خطبتك من حيث أفضيت.
فقال: هيهات يا ابن عبّاس، تلك شقشقة
64
هدرت ثمّ قرّت.
قال ابن عبّاس: فو اللّه ما أسفت على كلام قطّ كأسفي على هذا الكلام أن لا يكون أمير المؤمنين (ع) بلغ منه حيث أراد.
نسوا أو تناسوا كلّ هذه الأقوال من الإمام علي (ع) و تمسّكوا بقول احتجّ به الإمام عليّ على معاوية لالتزام معاوية و نظرائه به.
الرابع-مناقشة الاستدلال بأنّ الخلافة تقام بالقهر و الغلبة
من سبر التاريخ الإسلامي، وجد أنّ حكم الخلافة إلى عهد الخلفاء العثمانيّين الأتراك كان يقوم على أساس القسر، و شذّ قيامه خلاف ذلك مثل حكم الإمام علي (ع) و هذا هو الصّحيح في الأمر و لا مناقشة لنا في ذلك.
أمّا ما قالوا: (من غلب عليهم بالسيف حتّى صار خليفة و سمّي أمير المؤمنين فلا يحلّ لأحد يؤمن باللّه و اليوم الآخر أن يبيت و لا يراه إماما برّا كان أو فاجرا) .
لست أدري عمّ يتكلّم هؤلاء الأعلام: عن شريعة اللّه في إقامة الحكم في المجتمع الإسلامي، أم عن شريعة الغاب لمجتمع الأسود و الفهود!؟ و لكي لا يؤاخذنا البعض على إيراد أقوال السّابقين باعتقاد أنّ أهل هذا العصر لا يوافقونهم في آرائهم و معتقداتهم و يقول الآخرون: (فلنكن اليوم في
قأسود. قال اللّه تعالى: مُدْهََامَّتََانِ يريد الخضرة، كما هو ظاهر.
[64] الشقشقة-بكسر فسكون فكسر-: شيء كالرئة يخرجه البعير من فيه إذا هاج، و صوت البعير بها عند إخراجها هدير، و نسبة الهدير إليها نسبة إلى الآلة؛ قال في القاموس: و الخطبة