نام کتاب : كشف الغمة في معرفة الأئمة نویسنده : المحدث الإربلي جلد : 1 صفحه : 527
لفراره، و حليت الدنيا في أعينهم فلم يردعهم بالغ مواعظه و إنذاره، و مالوا إلى معاوية رغبة في زخرف دنياه و طمعا في درهمه و ديناره، فسلّم إليه الأمر حذرا على نفسه و شيعته فما ردّ القدر بحذاره، و طلب حقن الدماء و إسكان الدهماء (1) فأقرّه في قراره.
و كيف يجود الحسن (عليه السلام) على معاوية بشيء يصطلي الإسلام و أهله بناره؟ أم كيف يرضى تأهيله لأمر قلبه معتقد لإنكاره، أم كيف يظن أنّه قارب بعض المقاربة و هو يسمع سبّ أبيه في ليله و نهاره، أم كيف ينسب معاوية إلى الصدق و هو مستمر على غلوائه (2) مقيم على إصراره، أم كيف يتوهّم فيه الإيمان و هو و أبوه من المؤلّفة قلوبهم فانظر في أخباره، و هذه جمل تستند إلى تفصيل، و قضايا واضحة الدليل، و أحوال تفتقر إلى نظر و فكر طويل، و اللّه يهدي من يشاء إلى سواء السبيل.
عاد الكلام إلى تمام ما أورده كمال الدين رحمه اللّه قال:
زيادة فائدة
لعلّ من وقف على هذا التنبيه و الإيقاظ يودّ أن يحيط علما بما حمل الحسن (عليه السلام) على خلع لباس الخلافة عنه و إلباسه معاوية، فرأيت أن أشير إلى ما ينيل نفسه مناها، و يزيل عن فكرته ما عراها،
و أذكر ما أورده الإمام محمد بن إسماعيل البخاري رحمه اللّه عن الحسن البصري رضي اللّه عنه و أسنده و أقصّه حسب ما تلاه في صحيحه و سرده، و فيه ما يكشف حجاب الارتياب، و يسعف بمطلوب هذا الباب.
فقال: قال الحسن البصري: استقبل و اللّه الحسن بن علي معاوية بكتائب أمثال الجبال، فقال عمرو بن العاص لمعاوية: إنّي لأرى كتائب لا تولّى حتّى تقتل أقرانها، فقال له معاوية- و كان و اللّه خير الرجلين أي عمرو-: أ رأيت أنّ قتل هؤلاء هؤلاء و هؤلاء هؤلاء من لي بأمور المسلمين؟ من لي بنسائهم؟ من لي بضيعتهم؟ فبعث إليه رجلين من قريش من بني عبد شمس عبد الرحمن بن سمرة، و عبد اللّه بن عامر، و قال:
اذهبا إلى هذا الرجل و قولا له و اطلبا إليه، فأتياه و دخلا عليه و تكلّما و قالا له و اطلبا إليه، فقال لهم الحسن (عليه السلام): إنّا بنو عبد المطّلب قد أصبنا من هذا المال، و إنّ هذه الامّة