responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الغمة في معرفة الأئمة نویسنده : المحدث الإربلي    جلد : 1  صفحه : 252

روح المعادي، و استبشر رضوان بروح الموالي، و أمير المؤمنين فارس ذلك الجمع و أسده و إمامه و مولاه و سيّده، و هادي من اتّبعه و مرشده، يهدر كالفحل و يزأر كالأسد و يفرقهم و يجمعهم كفعله بالنقد، لا يعترضه في إقامة الحق و إدحاض الباطل فتور، و لا يلم به في إعلاء كلمة اللّه و خزي أعدائه قصور، يختطف النفوس، و يقتطف الرءوس، و يلقى بطلاقة وجهه اليوم العبوس، و يذلّ بسطوة بأسه الأسود السود، و الفرسان الشئوس، و يخجل بأنواره في ليل القتام الأقمار و الشموس، فما لقي شجاعا إلّا و أراق دمه، و لا بطلا إلّا و زلزل قدمه، و لا مريدا إلّا أعدمه، و لا قاسطا إلّا قصّر عمره و أطال ندمه، و لا جمع نفاق إلّا فرّقه، و لا بناء ضلال إلّا هدمه.

و كان كلّما قتل فارسا أعلن بالتكبير فأحصيت تكبيراته ليلة الهرير فكانت خمسمائة و ثلاثا و عشرين تكبيرة بخمسمائة و ثلاث و عشرين قتيلا من أصحاب السعير، و قيل: إنّه في تلك الليلة فتق نيفق درعه (1) لثقل ما كان يسيل من الدم على ذراعه، و قيل: إنّ قتلاه عرفوا في النّهار فإنّ ضرباته كانت على وتيرة واحدة، إن ضرب طولا قدّ أو عرضا قطّ، و كانت كأنّها مكواة بالنّار.

قال كمال الدين بن طلحة: فما تحلّى بهذه المزيا و الخلال، و لا أبلى بلاؤه المذكور في النزال، و لا صدرت منه هذه الأفعال إلّا عن شجاعة تذلّ لها الأبطال، و تقلّ لديها الأهوال، و لا تقوم بوصفها الأقلام و الأقوال، و لا يحتاج في تحقّقها أن يثبتها الاستدلال، و على الجملة و التفصيل، فمقام شجاعته لا ينال، و ما ذا بعد الحقّ إلّا الضلال، و لمّا أسفر صبح ليلة الهرير عن ضيائه، و حسر الليل جنح ظلمائه، كانت القتلى من الفريقين ستّة و ثلاثين ألف قتيل، هكذا نقله مصنّف كتاب (الفتوح) و مؤرّخ الوقائع التي نقلها بألسنة أقلامه، فهي في الرواية منسوبة إليه العهدة فيها عند تتبعها عليه، و هذه الوقائع المذكورة مع أهوالها الصعاب، و صيالها المصلى لظى الطعان و الضراب، هي بالنسبة إلى بقايا وقائع صفين كالقطرة من السحاب، و الشذرة من السخاب، انتهى كلام ابن طلحة.

قلت: و في صبيحة هذه الليلة استظهر أصحاب علي (عليه السلام)، و لاحت لهم أمارات الظفر و علائم الغلب، و زحف مالك الأشتر رحمه اللّه بمن معه حتّى ألجأهم إلى معسكرهم،


(1) نيفق الدرع: الموضع المتسع منه.

نام کتاب : كشف الغمة في معرفة الأئمة نویسنده : المحدث الإربلي    جلد : 1  صفحه : 252
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست