كان من جملة من يستفاد من الحمّام المذكور، رجل عالم اسمه مير منصب علي، و كان محتاطا بحدّ الوسواس، الذي ربما يهلك الناس، فدخل يوما الحمام و غلق عليه الباب بالتمام، و لمّا لم يخرج الى مدّة، فتحوا الباب فوجدوه ميتا في حوضه، فجاءه الحمام في الحمام، فلما سمع «المفتي» ذلك قال مرتجلا و مؤرخا: «بغوطه مرد» (1266 ه) [2].
هكذا كان مقام جامعيته و كماله في العلوم المختلفة، و الفنون المتفرقة، و لهذا السبب خاطبه العالم السنيّ المعروف (المفتي سعد اللّه) لما رأى بعض مؤلفاته، بهذا الشعر:
لكل زمان واحد بعد واحد * * * و انت لهذا الدهر و اللّه أوحد [3]
كمال معرفته
انّ درجة عرفان الانسان، تظهر من خشيته من اللّه تعالى في كلّ آن لأنّ كلّ من استنار قلبه من نور الايمان، حلّت به آثار الخشية و العرفان، فاذا رأيت من عبد ارتعاد فرائصه عند ذكر الرحمن، فاعلم أنّه متجلّي بجلاء العرفان و متحلّي بحلية الايقان، و كان «المفتي» كذلك حائزا هذا الشان، و فائزا بهذا المكان، كما هو ظاهر من احتياطاته، و عباداته، و رياضاته، و خشيته، و أنابته (و سيأتي ذكرها إن شاء اللّه).