نام کتاب : قضاياالمجتمع والأسرة والزواج نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 1 صفحه : 141
والتنعم ؛ فإنّ ذلك من أعظم الخبط ، فإنّ هذه البُنيات الطبيعية ، التي منها البُنية الإنسانية مركّبات مؤلّفة من أجزاء كثيرة ، تستوجب بوقوع كلٍّ في موقعه الخاص ، على شرائطه المخصوصة به وضعاً ، هو الملائم لغرض الطبيعة والخلقة ، وهو المناسب لكمال النوع ، كالمعاجين والمركّبات من الأدوية ، التي تحتاج إلى أجزاء بأوصاف ، ومقادير ، وأوزان وشرائط خاصة لو خرج واحد منها عن هيئته الخاصة أدنى خروج وانحراف سقط الأثر .
فالإنسان ـ مثلاً ـ موجود طبيعي تكويني ، ذو أجزاء مركّبة تركيباً خاصاً ، يستتبع أوصافه داخلية وخواص روحية ، تستعقب أفعالاً وأعمالاً ، فإذا حوّل بعض أفعاله وأعماله من مكانته الطبيعية إلى غيرها ؛ يستتبع ذلك انحرافاً وتغيُّراً في صفاته وخواصّه الروحية ، وانحرف بذلك جميع الخواصّ والصفات عن مستوى الطبيعة ، وصراط الخلقة ، وبطل بذلك ارتباطه بكماله الطبيعي ، والغاية التي يبتغيها بحسب الخلقة .
وإذا بحثنا في المصائب العامة ، التي تستوعب اليوم الإنسانية ، وتُحبِط أعمال الناس ومساعيهم لنيل الراحة والحياة السعيدة ، وتهدّد الإنسانية بالسقوط والانهدام ، وجدنا أنّ أقوى العوامل فيها بطلان فضيلة التقوى وتمكُّن الخرق والقسوة والشدّة والشره من نفوس المجتمعات البشرية ، وأعظم أسبابه وعلله الحرّية والاسترسال والإهمال في نواميس الطبيعة في أمر الزوجية وتربية الأولاد ، فإنّ سنّة المجتمع المنزلي ( الأُسرة ) وتربية الأولاد اليوم تُميت قرائح الرأفة والرحمة ، والعفّة والحياء والتواضع من الإنسان ، من أول حين يأخذ في التمييز إلى آخر ما يعيش .
وأمّا تدارك هذه النواقص بالكفر والرويّة ، فهيهات ذلك ، فإنّما الفكر ـ كسائر لوازم الحياة ـ وسيلة تكوينية اتّخذتها الطبيعة وسيلة لردّ ما خرج وانحرف عن صراط الطبيعة والتكوين إليه ، لا لإبطال سعي الطبيعة والخلقة
نام کتاب : قضاياالمجتمع والأسرة والزواج نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 1 صفحه : 141