التفكير السيكولوجي إلى القرن التاسع عشر ، افتراضاً منهم أنّ الملكة إذا كانت قوية أو ضعيفة عند شخص ، كانت قويّة أو ضعيفة في كلّ شيء .
ومن الواضح : أنّ هذه النظرية داخلة في النطاق التجريبي لعلم النفس ، فهي نظرية علمية ؛ لأنّها تخضع للمقاييس العلمية ، فيمكن أن يجرّب مدى تأثّر الذاكرة بصورة عامّة بالتدريب على استذكار مادّة معيّنة ، ويتاح للعلم ـ حينئذٍ ـ أن يعطي كلمته في ضوء تجارب من هذا القبيل ، وتقدّم ـ حينذاك ـ النتيجة العلمية للتجربة إلى فلسفة العلم السيكولوجي ؛ ليدرس مدلولها الفلسفي ، وما تعنيه من تعدّد الملكات أو وحداتها في ضوء القوانين الفلسفية .
والمثال الثاني : نأخذه من صلب الموضوع الذي نعالجه ، وهو عملية الإدارك البصري ؛ فإنّها من مواضيع البحث الرئيسية في الحقل العلمي والفلسفي على السواء .
ففي البحث العلمي يثور نقاش حادّ حول تفسير عملية الإدراك بين الارتباطين من ناحية ، وأنصار مدرسة الشكل والصيغة (الجشطالت) من ناحية أخرى . والارتباطيون هم الذين يعتبرون التجربة الحسّية هي الأصل الوحيد للمعرفة . فكما يحلّل علماء الكيمياء المركّبات الكيميائية إلى عناصرها البدائية ، يحلّل هؤلاء مختلف الخبرات العقلية إلى إحساسات أوّلية ، ترتبط وتتركّب بعمليات آلية ميكانيكية ، طبقاً لقوانين التداعي . وفي هذه النظرية الارتباطية ناحيتان :
الأُولى : أنّ مردّ التركيب في الخبرات العقلية إلى إحساسات أوّلية (معانٍ بسيطة اُدرِكت بالحسّ) .
والثانية : أنّ هذا التركيب يوجد بطريقة آلية ، وطبقاً لقوانين التداعي .
أمّا الناحية الأُولى ، فقد درسناها في نظرية المعرفة عند الحديث عن